للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فقد بان أنه قد أعوزته كلمة لم يذكرها، وهو أنه لا يخاف الآثام، بل يخاف ألا يُقبل منه وألا يُثاب عليه، فيكون خوفه من ذلك خوفه من الآثام نفسها، ويكون هذا من باب حذف المضاف، كأنه قال يتجنب الآثام ثم يخاف ردها أو يخاف إحباطها، والضمير إلى مصدر قوله يتجنب، لأن يتجنب قد دل على التجنب.

فإن قلت ضمير المؤنث ههنا كيف جاء والتجنب مذكر؟ قلت: هو محمول على المعنى؛ لأن التجنب كالجفوة والهجرة والمفارقة، وإعادة الضمير على المعنى في باب التذكير والتأنيث كثيرة مشهورة.

وعلى هذا التحقيق ظهرت مطابقته بالآية على أحد تفسيريها.

فأما قوله إن رواية "خيفة غيها" لا يصح المعنى بها، فإن بعض المفسرين قال إن هذا البيت محمول على القلب، وتقديره: فكأنما آثامه حسنات، قال ومعناه كأن آثامه حسنات وغيره؛ لأنه من الأبرار الأولياء الذين حسنات الناس سيئات بالنسبة إلى عباداتهم، ومن كلامهم: حسنات الأبرار سيئات المقربين، يعنون علو طبقة المقربين على طبقة الأبرار.

والقلب قد جاء في الكلام كثيرا نحو قولهم: أدخلت الخاتم في إصبعي، والتحقيق أدخلت إصبعي في الخاتم؛ لأن الإصبع هي التي أدخلت في الخاتم، وقولهم كأن الزنا فريضة الرجم، وقال الآخر:

<<  <   >  >>