للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فمراد الشاعر إذن أنني نلت معالي الأمور بالسعي والآثار والتوصل، لا بالميراث ولا الاقتصار على شرف الأنساب.

والوجه الثاني لو أراد الإبانة عن كثرة الأسفار لكان لقوله الثنايا مزية ظاهرة على غيرها من الأرض؛ لأن الثنايا والعقاب والروابي أشق الأرض سيرا، قال الشاعر:

وثنية قذف يحاربها القطا ... ويضل فيها حين يغدو الأحقب١

وقال:

ومزناة لا تستطاع قطعتها ... بهيق كتابوت النصارى شمرول٢

وأشعارهم في هذا الباب كثيرة جدا.

الوجه الثالث أنه أدعى أن لفظة المطايا هي الفضلة الزائدة، ثم برهن على ذلك بأن قسم المعنى إلى قسمين، ثم بين أن أحد القسمين إن كان هو المراد فالمطايا فضلة زائدة، وهو المطلوب، ثم قال: وإن كان القسم الثاني هو المراد


١ الأحقب: الحمار الوحشي الذي في بطنه بياض.
٢ المزنأة: مكان الصعود في الجبل، زنأ في الجبل أي صعد.
الهيق: ذكر النعام، شبه به الجمل.
الشمردل: القوي السريع الحسن الخلق الفتى من الإبل وغيرها.
والبيت بالأصل "ومرثاة" وقد رجحنا أن يكون تصويبها "ومزنأة" أو "ومنقبة" لأن المنقبة الطريق الظاهر على رءوس الجبال والآكام والربا.

<<  <   >  >>