بظلم العباد ظلما قليلا، كما كان فحوى بيت الشاعر أن هذا المرثي يجبن نادرا، وأن يكون قوله صلى الله عليه وسلم لعلي عليه السلام:"لأعطين الراية غدا لرجل يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كرار غير فرار" أي لا يكثر الفر بل يفر أحيانا في النادر، مع أن عليا لم يفر قط على ما نقل عنه المخالف والمؤالف، وأن يكون قول سطيح١ في كهانته على رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليس بفظ ولا صخاب" يقتضي ألا يصخب كثيرا، بل يصخب في وقت بعيد.
واعلم أن العرب إذا استعملت هذه اللفظة في النفي فإنهم لا يعنون بها إلا ما يعنون بلفظة فاعل فقط، ولو شئت أن أذكر من ذلك الأمثلة الكثيرة لذكرتها، فأما في الإثبات فإنهم قل أن يستعملوها إلا في الكثرة والتكرير كما ذكره هذا الرجل، وكان الواجب أن يتصفح كلامهم، ويفرق بين استعمالهم لها نفيا واستعمالهم لها إثباتا.
١١١- قال المصنف: وينبغي أن يعلم أنه إذا وردت لفظة من الألفاظ، ويجوز حملها على التضعيف الذي هو طريق المبالغة، وحملها على غيره، أن ينظر فيها.
١ سطيح كاهن بني ذئب، كان يتكهن في الجاهلية، وأخبر بمبعثه صلى الله عليه وسلم، ومات بعد مولد النبي. قالوا إنه سمي بذلك لأنه كان إذا غضب قعد منبسطا فيما زعموا، وقيل إنه سمي بذلك لأنه لم يكن بين مفاصله قصب تعتمده فكان أبدا منبسطا منسطحا على الأرض لا يقدر على قيام ولا قعود. وهو خال عبد المسيح بن عمرو بن بقيلة الغساني، وابن خالة شق الكاهن "هامش القاموس مادة سطح".