للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فإن اقتضى حملها على المبالغة. فهو الوجه.

وذلك أن قوة اللفظ لقوة المعنى لا تستقيم إلا في نقل صيغة إلى صيغة أكثر منها، كنقل الثلاثي إلى الرباعي.

وإذا فإذا كانت صيغة الرباعي مثلا موضوعة لمعنى، فإنه لا يراد بها ما أريد من نقل الثلاثي إلى مثل تلك الصيغة.

ألا ترى أنه إذا قيل في الثلاثي "قتل" ثم نقل إلى الرباعي فقيل "قتل" بالتشديد، فإن الفائدة من هذا النقل هي التكثير، أي أن القتل وجد منه كثيرا؟.

وهذه الصيغة الرباعية بعينها لو وردت من غير نقل لم تكن دالة على التكثير، كقوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} ، إذ أنه لا ثلاثي لهذه اللفظة١.

أقول: إنه لا يصح أن يقال على الإطلاق متى كان لهذه الصيغة وهي فعل بالتشديد ثلاثي، فإنها تُعطي معنى التكثير والقوة، وذلك أنا قد وجدناها في مواضع بخلاف هذه الصفة، نحو قولك قلصت شفته إذا انزوت بالتخفيف، ومثله قلصت بالتشديد، ولا فرق بينهما عند أهل اللغة في كثرة ولا قلة، وقد نصوا عليه، وذكر ذلك صاحب ديوان الأدب فقال: قصر من الصلة وقصر منها٢.


١ المثل السائر: ٢/ ٢٥٣-٢٥٥ ومنه نقلنا النص وصححناه.
٢ في أساس البلاغة: قصر من الصلاة قصرا وأقصر وقصر "بتشديد الصاد في الأخيرة".

<<  <   >  >>