للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال: {فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى} ١ والردى متراخ عن الصد عنها. وقال: {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى} ٢ وليس خروج النبات عقب إنزال المطر، بل هو متراخ عنه. وقال: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ} ٣ ولم يكن النسيان عقب العهد، فإنه قد دام مكثه متجنبا للشجرة التي نهى عن أكلها مائة عام، ثم أكلها.

وفي القرآن من هذاالجنس الكثير الواسع، فإذن لا يدل على قوله تعالى: {فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا، فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ} ، أن ذلك كله كان في يوم واحد أو أقل كما اعتقده هذا الرجل.

١٠٩- قال المصنف: ومن هذا الباب قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} قال فذكر الخلق الأول من الطين وهو آدم، ثم عطف عليه الخلق الثاني بثم لما بينهما من التراخي، ولما صار إلى القدر الذي يتبع بعضه بعضا من غير تارخ عطفه بالفاء، ولما انتهى إلى جعله ذكرا أو أنثى وهو آخر الخلق عطه بثم.


١ سورة طه: ١٦.
٢ سورة طه: ٥٣.
٣ سورة طه: ١١٥.

<<  <   >  >>