للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومثله في التنزيل: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُس} ١ في قول من جعل عاليهم صفة لقوله تعالى: {وِلْدَانٌ مُخَلَّدُون} فأما استنباطه زيادة المعنى في التقديم والتأخير فشيء قد تكلمنا عليه.

١٠٤- قال المصنف: ومن المواضع التي تفيد الاختصاص تقديم الظرف إذا كان الكلام إثباتا، كقولك إن إلى مصير هذا الأمر، فإنه يدل على أنه ليس مصير هذا الأمر إلا إليك، بخلاف ما إذا أخرت الظرف، فقلت إن مصير هذا الأمر إلي، فإنه لا يفيد الاختصاص؛ لأنه يحتمل أن توقع الكلام "بعد الظرف" على غيرك فتقول عوض ضميرك إلى زيد أو عمرو.

ومنه قوله تعالى: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} ٢.

أقول: إنه إنم فهم أن الإياب والحساب إلى الله تعالى من دليل آخر لا من مجرد هذا اللفظ، ولو خيلنا ومجرد هذا اللفظ لم يدل على أن الإياب والحساس ليس إلا إليه وعليه سبحانه، فإنك لو قلت إن في الدار زيدا، لم يدل ذلك على أن غيره ليس في الدار، وكذلك لو قلت وعمرا لم يتناقض الكلام.

وقد قال سبحانه: {وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِي} ٣ ولا يدل ذلك على أن غير الرواسي لم يجعله تعالى في الأرض.


١ سورة الإنسان: ٢١.
٢ المثل السائر: ٢/ ٢٢٤.
٣ سورة الأنبياء: ٣١.

<<  <   >  >>