للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله العظيم" (١). وروى الحافظ أبو بكر البيهقي، عن أنس بن مالك ، عن النبي ، قال: "يؤتى بابن آدم يوم القيامة، فيوقف بين كفتي الميزان، ويوكل به ملك، فإن ثقل ميزانه، نادى الملك بصوت يسمع الخلائق: سعد فلان سعادة لا يشقى بعدها أبدًا" (٢)، وإن خف ميزانه، نادى الملك بصوت يسمع الخلائق: شقي فلان شقاوة لا يسعد بعدها أبدًا. فلا يلتفت إلى ملحد معاند يقول: الأعمال أعراض لا تقبل الوزن، وإنما يقبل الوزن الأجسام!! فإن الله يقلب الأعراض أجسامًا، كما تقدم، وكما روى الإمام أحمد، عن أبي هريرة ، أن رسول الله قال: "يؤتى بالموت كبشًا أغر (٣)، فيوقف بين الجنة والنار، فيقال، يا أهل الجنة، فيشرئبون وينظرون، ويقال: يا أهل النار، فيشرئبون وينظرون، ويرون أن قد جاء الفرج، فيذبح، ويقال: خلود لا موت" (٤). ورواه البخاري بمعناه. فثبت وزن الأعمال والعامل وصحائف الأعمال، وثبت أن الميزان له كفتان. والله تعالى أعلم بما وراء ذلك من الكيفيات.

فعلينا الإيمان بالغيب، كما أخبرنا الصادق ، من غير زيادة ولا نقصان، ويا خيبة من ينفي وضع الموازين القسط ليوم القيامة كما أخبر الشارع (٥)، لخفاء الحكمة عليه، ويقدح في النصوص بقوله: لا يحتاج إلى الميزان إلا البقال والفوَّال!! وما أحراه بأن يكون من الذين لا يقيم الله لهم يوم القيامة وزنًا. ولو لم يكن من الحكمة في وزن الأعمال إلا ظهور عدله سبحانه لجميع عباده، [فإنه] لا أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك أرسل الرسل مبشرين ومنذرين. فكيف ووراء ذلك من الحكم ما لا اطلاع لنا عليه. فتأمل قول الملائكة، لما قال


(١) متفق عليه، وتقدم.
(٢) موضوع، ورواه أبو نعيم أيضًا في "الحلية" "٦/ ١٧٤" وقال "تفرد به داود بن المحبر" قلت: وهو متروك متهم بالوضع.
(٣) في الأصل: أغير.
(٤) صحيح، أخرجه في "المسند" "٢/ ٤٢٣" بسند صحيح.
(٥) قال عفيفي: انظر أحاديث الوعيد في ص ٣٩٥ - ٣٩٧ ج ١ من "مدارج السالكين".

<<  <   >  >>