للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"الصحيحين". وروى البخاري عن زينب ، أنها كانت تفخر على أزواج النبي ، وتقول: زوجكن أهاليكن، وزوجني الله من فوق سبع سماوات (١). وعن عمر : أنه مر بعجوز فاستوقفته، فوقف معها يحدثها، فقال رجل: يا أمير المؤمنين، حبست الناس بسبب هذه العجوز؟ فقال: ويلك! أتدري من هذه؟ امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سماوات، هذه خولة التي أنزل الله فيها: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ﴾ (٢) [المجادلة: ١] أخرجه الدارمي. وروى عكرمة عن ابن عباس، في قوله: ﴿ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ﴾ [الأعراف: ١٧]، قال: ولم يستطع أن يقول من فوقهم؛ لأنه قد علم أن الله سبحانه من فوقهم.

ومن سمع أحاديث الرسول وكلام السلف، وجد منه في إثبات الفوقية ما لا ينحصر، ولا ريب أن الله سبحانه لما خلق الخلق لم يخلقهم في ذاته المقدسة، تعالى الله عن ذلك، فإنه الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، فتعين أنه خلقهم خارجا عن ذاته، ولو لم يتصف سبحانه بفوقية الذات، مع أنه قائم بنفسه غير مخالط للعالم، لكان متصفا بضد ذلك؛ لأن القابل للشيء لا يخلو منه أو من ضده، وضد الفوقية: السفول، وهو مذموم على الإطلاق؛ لأنه مستقر إبليس وأتباعه وجنوده.

فإن قيل: لا نسلم أنه قابل للفوقية حتى يلزم من نفيها ثبوت ضدها. قيل: لو لم يكن قابلا للعلو والفوقية لم يكن له حقيقة قائمة بنفسها، فمتى أقررتم بأنه


(١) صحيح وهو عند البخاري في "التوحيد" من حديث أنس قال: "فكانت زينب تفخر … إلخ. فليس هو من مسند زينب نفسها كما يفيده صنيع المصنف .
(٢) ضعيف، أخرجه أبو سعيد الدارمي في "الرد على الجهمية" "ص ٢٦، طبع المكتب الإسلامي" من طريق أبي يزيد المدني عن عمر به. قال الذهبي: "١١٣" "وهذا إسناد صالح فيه انقطاع، أبو يزيد لم يلحق عمر".

<<  <   >  >>