للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وغيره. وروى ابن ماجه عن جابر يرفعه، قال: "بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور، فرفعوا إليه رءوسهم، فإذا الجبار قد أشرف عليهم من فوقهم، وقال: يا أهل الجنة، سلام عليكم، ثم قرأ قوله تعالى: ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾ [يس: ٥٨]. فينظر إليهم، وينظرون إليه، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه" (١). وروى مسلم عن النبي ، في تفسير قوله تعالى: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾ [الحديد: ٣] بقوله: "أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء" (٢). والمراد بالظهور هنا: العلو. ومنه قوله تعالى: ﴿فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ﴾ [الكهف: ٩٧]، أي يعلوه. فهذه الأسماء الأربعة متقابلة: اسمان منها لأزلية الرب وأبديته، واسمان لعلوه وقربه. وروى أبو داود عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن جده، قال: أتى رسول الله أعرابي، فقال: يا رسول الله، جهدت الأنفس [وضاعت العيال] ونهكت الأموال، [وهلكت الأنعام]، فاستسق الله لنا، فإنا نستشفع بك على الله، ونستشفع بالله عليك، فقال رسول الله : "ويحك! أتدري ما تقول؟ " وسبح رسول الله ، فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال: "ويحك! إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه، شأن الله أعظم من ذلك، ويحك! أتدري ما الله؟ إن الله فوق عرشه، وعرشه فوق سماواته -وقال بأصابعه! مثل القبة [عليه]- وإنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب" (٣). وفي قصة سعد بن معاذ يوم بني قريظة، لما حكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم، فقال النبي : "لقد حكمت فيهم بحكم الملك من فوق سبع سماوات" (٤). وهو حديث صحيح، أخرجه الأموي في مغازيه، وأصله في


(١) ضعيف، وتقدم، وقول الشيخ أحمد شاكر : "وإسناده جيد" غير جيد، لما ذكرته هناك.
(٢) صحيح، وتقدم.
(٣) ضعيف، وتقدم.
(٤) صحيح بدون قوله: "فوق سبع سماوات" كذلك هو في "الصحيحين" و"المسند" وأما هذه الزيادة فتفرد بها محمد بن صالح التمار، كما في "العلو" "١٠٢" وقال: وهو صدوق" وفي "التقريب" "صدوق يخطئ"، قلت: فمثله لا يقبل تفرده، وإن صححه المؤلف وكذا الذهبي، وفي إثبات الفوقية أحاديث صحيحه تغني عن هذا، وسيذكر المؤلف بعضها. وانظر تخريج الحديث في "مختصر العلو" "٨٧/ ١١".

<<  <   >  >>