الفيلسوف الأديب "ميخائل نعيمة" في مناسبة تقدمه إلى "التسعين" من العمر يومها سئل عن علاقته بالزعيم الدرزي "كمال جنبلاط" فأجاب:
- علاقتي معه كانت مبنية على أسس روحية بعيدة عن السياسة، وكان من الناس الذين يتعشقون الفلسفة الهندية.
وعندما جاء "وليد جنبلاط" في مكان أبيه.. تكشف لنا أنه ابتعد هو بدوره عن الفلسفة الهندية، وخالف والده ولم تعد فلسفة "اليوجا" تقنعه كدور سياسي في الصراعات التي اندلعت، خاصة بعد مقتل والده, فأعضاء "وليد جنبلاط" وفكره أصبحا أكثر قسوة على لبنان، مما جعل ممارسة "اليوجا" تتعذر عليه.
ولم يجد "وليد جنبلاط" في قدراته ما كان يراه في قدرات والده على الاسترخاء فوق ذلك السرير الهندي المليء بالمسامير المدببة، التي كان "جنبلاط" الأب يراها أكثر رحمة من سرير جديد للبنان يمتلئ بما يوفق المسامير، ويسمى: سرير التقسيم الطائفي.
ولكن ما الذي أوصل "لبنان" واضطر هذا البلد الذي كان مخمليا، وفيروزيا لينام فوق سرير التقسيم الطائفي، وينظر إلى "اليوجا" على أنها فلسفة نظرية، برغم أنها عملية جدا، ويجري إلى التذبيب الأقسى؟
إنها "الفوضى" التي أوصلت لبنان إلى هذا الحال وإلى الاستلقاء القسري فوق سرير التقسيم الطائفي, فالفوضى أصبحت قانون لبنان الجديد، وتنظيمها السياسي، ومجابهتها للغزاة.
- وسئل "ميخائيل نعيمة" إن كان ينتمي لحزب ما، فأجاب:
- لا أنتمي إلى أحزاب أيا كانت؛ لأنها تختلف عن طبيعتي، ولأنني لا أريد أن أتنازل عن حريتي.
فإذا فقد "الوطن" وحدته الوطنية أصبح غاية, وتحول إلى فوضى.
ثم أضاف "ميخائيل نعيمة" عبارته المباشرة بعد ذلك، فقال:
- إني أربأ بلبنان أن يصبح سلعة تتناقشها شتى الأيدي، أو أن يخسر طابعه الخاص!
وإذن فقد بلغ "لبنان" الوطن الواحد هذه المرحلة الخطيرة مرحلة: السلعة التي تتناقشها شتى الأيدي.