قال المؤلف: وأما قول من أباح الطيب قبل الإحرام أن الخلوق والصفوة نهى عن الرجال فى حال الإحلال والإحرام، فليس كذلك عند من منع الطيب للإحرام، وإن نهى النبى عليه السلام أن يتزعفر الرجل إنما هو محمول عند أهل المدينة على أن المراد به حال الإحرام فقط، وأنه مباح فى الإحلال، ولهم فى ذلك حجج سأذكرها فى كتاب اللباس والزينة عند نهيه عليه السلام أن يتزعفر الرجل إن شاء الله. قال المهلب: وفيه من الفقه أن السنن قد تكون بوحى من الله كما كان غسل الطيب فى هذا الحديث بالوحى، ولم يقل أحد أنه فرض، وفيه وجوب التثبت للعالم فيما يسئل عنه، وإن لم يعرفه سأل من فوقه كما فعل النبى عليه السلام، وفيه أن غسل الطيب عند الإحرام ينبغى أن يبالغ فى إزالته؛ ألا ترى أنه أمره بغسله ثلاث مرات. وقوله:(اصنع فى عمرتك ما تصنع فى حجتك) : يعنى اجتنب فى عمرتك كل ما تجتنب فى حجتك؛ ألا ترى قول ابن عمر: ما أمرُهما إلا واحد. يعنى فى الإحرام والحرمة، وكذلك كل ما يستحسن من الدعاء والتلبية فى الحج فهو مستحسن فى العمرة. قال ابن المنذر: وقد احتج بعض من أسقط الفدية عمن جهل، فلبس فى إحرامه ما ليس له لبسه، وجعل الناسى فى معناه، بحديث الجبة؛ لأن النبى عليه السلام أمره بنزعها ولم يأمره بالفدية، وهو قول عطاء، والثورى، والشافعى، وأحمد، وإسحاق، وقال مالك: من ابتاع خفين فجربهما فى رجليه، فإن كان شيئًا