وقال آخرون: ليس الذى قال هؤلاء بشىء وقالوا: إنما الشاكى ربه تعالى من أخبر عما أصابه من الضر والبلاء متسخطًا قضاء الله فيه، فأما من أخبر به إخوانه ليدعو له بالشفاء والعافية وأن استراحة إلى الأنين والتأوه فليس ذلك بشاك ربه، وقد شكا الألم والوجع المؤذى للنبى عليه السلام وأصاحبه وأن جماعة من القدوة ممن ذكرهم البخارى فى هذا الباب وغيرهم، روى عن الحسن البصرى أنه دخل عليه أصحابه وهو يشتكى ضرسه فقال: رب مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين، وهذا القول أولى بالصواب لما يشهد له من فعل النبى وأصحابه، وأيضًا فإن الأنين من الم العلة والتأوه قد يغلبان الإنسان ولايطيق كفهما عنه، ولا يجوز إضافة موأخذة العبد به إلى الله تعالي؛ لأنه قد أخبر أنه لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وليس فى وسع ابن آدم ترك الاستراحة إلى الأنين عند الوجع يشتد به والألم ينزل به فيؤمر به أو ينهى عن خلافه.
[- باب: قول المريض قوموا عنى]
/ ٢٨ - فيه: ابْن عَبَّاس، لَمَّا حُضِرَ النَّبِىّ عليه السلام وَفِى الْبَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ النَّبِى (صلى الله عليه وسلم) : (هَلُمَّ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لا تَضِلُّوا بَعْدَهُ) ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ النَّبِى عليه السلام قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْوَجَعُ، وَعِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ، حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ، فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغْوَ وَالاخْتِلافَ عِنْدَ النَّبِى (صلى الله عليه وسلم) ، قَالَ:(قُومُوا. . . .) الحديث.