أنه قال له:(اغسل عنك أثر الخلوق أو الصفرة) فأمره بغسله لما ثبت من نهيه عليه السلام أن يتزعفر الرجل فى حال الإحلال والإحرام؛ لأنه من طيب النساء، لا لأنه طيب تطيب به بعد الإحرام، وليس فى ذلك دليل على حكم من أراد الإحرام: هل له أن يتطيب بطيب يبقى عليه بعد الإحرام أم لا؟ قالوا: وقد ثبت عن عائشة أنها كانت تطيب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عند إحرامه بأطيب ما تجد. قال المؤلف: وسيأتى الجواب عن حديث عائشة لمن لم يجز الطيب عند الإحرام فى الباب بعد هذا إن شاء الله. واحتج الطحاوى لمحمد بن الحسن فى رد هذا التأويل المتقدم. فقال: الحجة لمنع الطيب عند الإحرام من طريق النظر أن الإحرام يمنع من لبس الثياب كلها، ويمنع من الطيب، ومن قتل الصيد وإمساكه، فلما أجمعوا أن الرجل إذا لبس قميصًا قبل أن يحرم ثم أحرم وهو عليه؛ أنه يؤمر بنزعه، وإن لم ينزعه وتركه بعد إحرامه كان كمن لبسه بعد إحرامه لبسًا مستقبلا، وتجب عليه الفدية، وكذلك لو اصطاد وهو حلال فأمسكه بيده ثم أحرم أمر بتخليته، وإلا كان كابتداء الصيد فى إحرامه، فلما صح ما ذكرناه وكان التطيب محرمًا على المحرم بعد إحرامه كحرمة هذه الأشياء، كان ثبوت الطيب عليه بعد إحرامه، وإن كان قد تطيب به قبل إحرامه كتطيبه به بعد إحرامه قياسًا ونظرًا، وبه يأخذ الطحاوى.