للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألقى الله بمثل عمل أحد إلا بمثل عمل أبى بكر، ولوددت أنى شعرة فى صدر أبى بكر. وذكر الطبرى عن ابن عباس، فقال: والله إنى لأمشى مع عمر فى خلافته وبيده الدرة، وهو يحدث نفسه ويضرب قدمه بدرته ما معه غيرى إذ قال لى: يا ابن عباس، هل تدرى ما حملنى على مقالتى التى قلت حين مات رسول الله؟ قلت: لا أدرى والله يا أمير المؤمنين. قال: ما حملنى على ذلك إلا قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا) [البقرة: ١٤٣] فوالله إنى كنت لأظن أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سيبقى فى أمته حتى يشهد عليها بآخر أعمالها. وفى تأويل عمر هذه الحجة لمالك فى قوله: فى الصحابة مخطئ ومصيب، يعنى فى التأويل. وقال المهلب: وفى حديث أم العلاء أنه لا يقطع على أحد من أهل القبلة بجنة ولا نار، ولكن يرجى للمحسن، ويخاف على المسئ، وأما قوله (صلى الله عليه وسلم) : (والله ما أدرى وأنا رسول الله ما يفعل بى) ، فيحتمل أن يكون قبل أن يعلمه الله بأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وقد روى فى هذا الحديث (ما يفعل به) وهو الصواب، لأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يعلم من ذلك إلا ما يوحى به إليه، والله الموافق للصواب. وقال عبد الواحد: فإن قيل: هذا المعنى يعارض قوله فى حديث جابر: (ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه) ، قيل: لا تعارض بينهما، وذلك أن الرسول لا ينطق عن الهوى، فأنكر على أم العلاء قطعها على ابن مظعون، إذ لم يعلم هو من أمره شيئًا، وفى قصة جابر قال بما علمه من طريق الوحى، إذ لا يجوز أن يقطع عليه السلام على مثل هذا إلا بوحى، فسقط التعارض

<<  <  ج: ص:  >  >>