) ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين) [غافر: ١١] ، لأن الميتة الأولى خلقه الله من تراب ومن نطفة، لأن التراب والنطفة موات، والموات كله لم يمت نفسه، وإنما أماته الله الذى خلقه، والموت الثانى الذى يموت الخلق، وأما قوله:(وأحييتنا اثنتين (يعنى حياة الدنيا والحياة فى الآخرة بعد الموت، هذا قول ابن مسعود والسائب بن يزيد وابن جريج، فقوله: لا يجمع الله عليك ميتتين كقوله تعالى: (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى)[الدخان: ٥٦] . وفى الآية قول آخر روى عن الضحاك أنه قال: الميتة الأولى ميتته، والثانية موته فى القبر بعد الفتنة والمساءلة، واحتج بأنه لا يجوز أن يقال للنطفة والتراب ميت، وإنما يقال: ميت لمن تقدمت له الحياة، وهذا اعتراض فاسد، قال الله تعالى:(وآية لهم الأرض الميتة أحييناها)[يس: ٣٣] ولم يتقدم لها حياة قط، وإنما جعلها الله جمادًا ومواتًا، وهذا من سعة كلام العرب، والقول الأول هو الذى عليه العلماء. وفيه أن أبا بكر الصديق أعلم من عُمر، وهذه إحدى المسائل التى ظهر فيها ثاقب علم أبى بكر، وفضل معرفته، ورجاحة رأيه وبارع فهمه، وسرعة انتزاعه بالقرآن، وثبات نفسه، وكذلك مكانته عند الأمة لا يساويه فيها أحد، ألا ترى أنه حين تشهد وبدأ بالكلام مال الناس إليه، وتركوا عمر. ولم يكن ذلك إلا لعظيم منزلته فى نفوسهم على عمر، وسمو محله عندهم، أخذوا ذلك رواية عن نبيهم، (صلى الله عليه وسلم) ، وقد أقر بذلك عمر بن الخطاب حين مات أبى بكر، فقال: والله ما أحب أن