للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موته بثلاثة أيام، فقال: يا أحمد إن الله تعالى أرسلني إليك يسألك عما هو أعلم به منك، يقول لك: كيف تجدك؟ فقال: أجدني يا جبريل مغموما، وأجدني يا جبريل مكروبا، وأتاه في اليوم الثاني، فأعاد السؤال، فثنى الجواب، ثم قال في اليوم الثالث مثل ذلك، وهو يجيب كذلك، فإذا ملك الموت يستأذن، فقال: يا أحمد هذا ملك الموت يستأذن عليك، ولم يستأذن على آدمي قبلك، ولا يستأذن على آدمي بعدك، فقال: إئذن له، فدخل فوقف بين يديه فقال: إن الله أرسلني إليك، وأمرني أن أطيعك في كل ما تأمرني، فإن أمرتني أن أقبض نفسك قبضتها، وإن أمرتني أن أتركها تركتها، قال: وتفعل يا ملك الموت؟ قال: كذلك أن أطيعك، فقال جبريل: يا أحمد إن الله قد اشتاق إليك، قال: امض لما أمرت به يا ملك الموت، فقال جبريل: السلام عليك يا رسول الله هذا آخر موطيء الأرض، إنما كنت حاجتي من الدنيا».

فتوفي صلى الله عليه وسلم مستندا إلى ظهر عائشة، في كساء ملبد، وإزار غليظ‍ (١)، وتوفي صلى الله عليه وسلم عن أثر السم، لقوله عليه الصلاة والسلام في وجعه الذي مات فيه: «ما زالت أكلة خيبر تعاودني فالآن أوان قطع أبهري» (٢).

قال ابن إسحاق: «إن كان المسلمون ليرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات


(١) انظر: ابن سعد: الطبقات ٢/ ٢٦١، ابن الجوزي: الوفا ٢/ ٧٨٩، النهرواني: تاريخ المدينة (ق ١٩٧).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المغازي باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم عن عائشة برقم (٤٤٢٨) ٥/ ١٥٨، وأحمد في المسند ٦/ ١٨ عن أم مبشر، والبيهقي في الدلائل ٧/ ١٧٢ عن عائشة، وذكره عياض في الشفا ١/ ٢٠٩.
ومعنى أبهري: يقصد عرق الأبهر، وهو عرق في الظهر يقال هو الوريد في العنق، وإذا انقطع لم تكن معه حياة ومات صاحبه.
انظر: ابن منظور: اللسان مادة «أبهر».

<<  <  ج: ص:  >  >>