للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إليه الأعراب وغلط أمره، فظفر به وحمل إلى باب المعتصم، فلما مثل بين يديه، وكان وسيما جميلا، فأحب المعتصم أن يعلم أين المنظر من المخبر، قال له: تكلم، فقال بعد أن حمد الله ودعا للمعتصم: إن الذنوب تخرس الألسنة، وتعمي الأفئدة، وقد عظمت الجريرة وانقطعت الحجة وساء الظن، ولم يبقى الا العفو أو الانتقام، وارجوا أن أقربهما مني وأسرعها ألي أشبهها بك، وأولهما بكرمك. ثم قال وقد كان قدم [٣٩] السيف والنطع لقتله:

أرى الموت بين السيف والنطع كامنا ... يلاحظني من حيثما أتلفت

وأكبر ظني أنك اليوم قاتلي ... وأي أمرئ مما قضى الله يفلت

وأي أمرئ يدلي بعذر وحجة ... وسيف المنايا بين عينيه مصلت

يعز على الأوس بن تغلب موقف ... يهز علي السيف فيه وأسكت

فما حزني أني أموت وإني ... لا علم أن الموت شيء موقت

ولكن خلفي صبية قد تركتهم ... وأكبادهم من حسرة تتفتت

كأني أراهم حين انعى إليهم ... وقد خمشوا تلك الوجوه وصوتوا

فإن عشت عاشوا خافضين بنعمه ... أذود الردى عنهم وأن مت موتوا

فكم قائل لا أبعد الله داره ... وأخر جذلان يسر ويشمت! فعفا عنه المعتصم، وأحسن إليه وقلده عملا. وعلي بن الجهم الذي قال ارتجالا وقد صب عريانا:

<<  <  ج: ص:  >  >>