معه من الهند حكيما وطبيبا، وكان معهما من كتبهم وحكمهم ما أظهرا به فى مصر عجائب مشهورة، وحمل معه صنما من أصنام الهند من الذهب مقرّطا بالجوهر، فنصبه على بعض الهياكل التى عملها. وكان حكيم الهند يقوم به ويخدمه ويقرّب له. وكان يخبرهم بما يريدون منه.
قال: وأقام حرما بعد منصرفه من الهند مدّة ثم غزا نواحى الشام فأطاعه أهلها وهادوه ورجع إلى مصر. ثم غزا نواحى النوبة والسودان فصالحوه على خراج يحملونه له، ورفع أقدار الكهنة وزاد فى تعظيم دينهم؛ فصوّروه فى هياكلهم ومضاجعهم، وملكهم خمسا وسبعين سنة. وعمل لنفسه فى صحراء الغرب ناووسا، وعمل برقودة «١» مصانع وعجائب، وأقام بها إلى أن مات وابنه كلكن بمنف، فضمد جسده بالمومميا والكافور والمرّ، وجعل فى تابوت من ذهب، وجعل معه مال كثير، وجوهر نفيس، وسلاح عجيب، وتماثيل وصنعة وعقاقير، ومصحف الحكمة.
وصوّر فى جانب الناووس صورا وزبر عليها ذكر السفن التى سار فيها، والبلدان التى فتحها، وسدّ باب الناووس وزبر عليه اسمه ومدّته وتاريخ الوقت الذى هلك فيه، وقتل جماعة من نسائه أنفسهنّ عليه. وكان جميلا سمح الأخلاق، واغتمّ عليه الكهنة لإكرامه لهم، وأهل المملكة لاتباعه لهم.
وملك بعده ابنه كلكن بن حرما، وعقد التاج على رأسه بالإسكندرية بعد موت أبيه وأقام بها شهرا ورجع إلى منف. وكان أصناميّا على دين أبيه واستبشر به أهل مصر. وكان يحبّ الحكمة وإظهار العجائب ويقرّب أهلها ويكثر جوائزهم. ولم يزل يعمل الكيمياء فى مدّة ملكه؛ فحزن أموالا عظيمة بصحارى الغرب. وهو أوّل من أظهر علم الكيمياء بمصر وكان مكتوما. وكان الملوك قبله