للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاشتدّ ذلك على أمه، وكانت له قهرمانة من أهل سيوط ساحرة لا تطاق، وكانت تميل الى هذه المرأة لأنها كانت تعشق أخاها؛ فزادت فى سحرها لتلك المرأة فأوحشت ما بين الملك وأمّه حتى رفضها واستخفّ بأمرها، وزاد الأمر حتى حلف ألّا يجاورها، وأنه يغزو وينصرف فلا يرجع الى مصر أو يتّصل به موتها، ففعل ذلك وغزا بلد الهند وأرض السودان.

وكان سبب خروجه الى الهند أن ملكا من ملوكها يقال له مسور خرج فى عدد كثير وسايرته مراكبه فى البحر ففتح بلدانا وجزائر، وأكثر القتل والسبى؛ وذكرت له مصر فقصدها واعتلّ فرجع من طريقه، فأمر حرما الملك بعمل مائة سفينة على شكل سفن الهند، وتجهّز وركب وحمل معه المرأة ووجوه أصحابه وقوّاده، واستخلف ابنه كلكن على مصر وكان صبيّا، وجعل معه وزيرا يقال له لاون، وكاهنا يقال له ويسموس، وخرج فمرّ على ساحل اليمن وعاث فى مدائنه. وكان لا يمرّ بمدينة إلا أقام صنما وزبر عليه اسمه ومسيره ووقته، وبلغ سرنديب «١» فأوقع بأهلها، وغنم منها مالا وجوهرا كثيرا، وحمل معه حكيما لهم، وبلغ جزيرة بين الهند والصين بها قوم سمر طوال يجرّون شعورهم، ورأى لهم الدوابّ والطيور وشجر الطيب والنارجيل والفواكه التى لا تكون إلا عندهم، فأذعنوا له بالطاعة وحملوا اليه أموالا وهدايا فقبلها وسار عنهم. وأقبل يتنقّل فى تلك الجزائر عدّة سنين؛ فقيل: إنه أقام فى سفره سبع عشرة سنة، ورجع إلى مصر بالظّفر والغنيمة، ووجد أمه قد هلكت، ووجد ابنه على الملك كما استخلفه؛ فسرّ بذلك وهابه من حوله من الملوك. وبنى عدّة هياكل وأقام فيها أصنام الكواكب؛ لأنها- فيما زعم- هى التى أيّدته فى سفره حتى ظفر بما ظفر به وغنم ما غنمه. وقد كان حمل