للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا أدَّعي لأبي العلاء فضيلة ... حتى يسلمها إليه عداه١

واعلم أن لطريق "إنما" مزية٢ على طريق العطف، وهي أنه يُعقل منها إثبات الفعل لشيء ونفيه عن غيره دفعة واحدة، بخلاف العطف، وإذا ما استقريتَ وجدتَها أحسن ما تكون موقعا إذا كان الغرض بها التعريض بأمر هو مقتضى معنى الكلام بعدها٣ كما في قوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الرعد: ١٩] فإنه تعريض بذم الكفار، وأنهم من فرط العناد وغلبة الهوى عليهم في حكم من ليس بذي عقل؛ فأنتم في طمعكم منهم أن ينظروا ويتذكروا كمن طمع في ذلك من غير أولي الألباب، وكذا قوله تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا} [النازعات: ٤٥] ، وقوله: {إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ} [فاطر: ١٨] المعنى على أن من لم تكن له هذه الخشية فكأنه ليس له أذن تسمع، وقلب يعقل، فالإنذار معه كلا إنذار. قال الشيخ عبد القاهر٤: ومثال ذلك من الشعر قوله "من المديد":

أنا لم أُرزَق محبتها ... إنما للعبد ما رُزِقا٥

<<  <  ج: ص:  >  >>