أن يعيد كلامه على وجهه، كما إذا قال لك من يناظرك:"أنت من شأنك كيت وكيت" فتقول: "نعم، أنا من شأني كيت وكيت، ولكن لا يلزمني من أجل ذلك ما ظننتَ أنه يلزم"، فالرسل -عليهم السلام- كأنهم قالوا:"إن ما قلتم من أنا بشر مثلكم هو كما قلتم لا ننكره، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون الله تعالى قد مَنَّ علينا بالرسالة". وأصل الثالث أن يكون ما استُعمل له مما يعلمه المخاطب ولا ينكره، على عكس الثاني؛ كقولك:"إنما هو أخوك، وإنما هو صاحبك القديم" لمن يعلم ذلك ويقر به، تريد أن ترقّقه عليه وتنبهه لما يجب عليه من حق الأخ وحرمة الصاحب١، وعليه قول أبي الطيب "من الخفيف":
إنما أنت والد والأب القا ... طع أحنى من واصل الأولا٢
لم يرد أن يُعلِم كافورا أنه بمنزلة الوالد، ولا ذاك مما يحتاج كافور فيه إلى الإعلام، ولكنه أراد أن يذكّره منه بالأمر المعلوم ليبني عليه استدعاء ما يوجبه.
وقد ينزّل المجهول منزلة المعلوم؛ لادّعاء المتكلم ظهوره؛ فيستعمل له