للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظهوره حتى كأنه محسوس بالبصر. ومنه في غير باب المسند إليه قوله "من الطويل":

تعاللتِ كي أشجى وما بك علة ... تريدين قتلي، قد ظفرتِ بذلك١

وإما لنحو ذلك٢.

وإن كان المظهر غير اسم إشارة؛ فالعدول إليه عن المضمر إما لزيادة التمكين٣ كقوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: ١، ٢] ، ونظيره من غيره قوله: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} [الإسراء: ١٠٥] ، وقوله: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [البقرة: ٥٩] .

وقول الشاعر:

إن تسألوا الحق نعطِ الحق سائله٤

بدل "نعطكم إياه".

وإما لإدخال الرَّوْع في ضمير السامع وتربية المهابة, وإما لتقوية داعي المأمور٥. مثالهما قول الخلفاء: "أمير المؤمنين يأمرك بكذا". وعليه من غيره: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} ١.

وإما للاستعطاف، كقوله:

إلهي عبدك العاصي أتاكا٢

وإما لنحو ذلك٣


١ هو كما رواه المبرد لمرة بن عبد الله الهلالي، وقوله: "تعاللت" بمعنى ادعاء العلة. وقوله: "أشجى" بمعنى أحزن، والشاهد في وضع اسم الإشارة موضع الضمير؛ لأن الظاهر أن يقال: قد ظفرتِ به أي: بالقتل، والداعي إلى ذلك هو ادعاء كمال ظهوره حتى كأنه محسوس بالبصر.
٢ كالإشارة إلى بعده، ويمكن أن يحمل عليه ما في البيت السابق أيضا؛ بأن يكون مراده به الإشارة إلى بعد قتله لكمال شجاعته.
٣ هذا إذا كان المقام يقتضي الاعتناء بالمسند إليه.
٤ هو لعبد الله بن عنمة الضبي من قوله "من البسيط":
إن تسألوا الحق نعط الحق سائله ... والدرع محقبة والسيف مقروب
والمحقبة: المشدودة في الحقبة، والمقروب: الموضوع في قرابه. وسيأتي هذا البيت مع بيت قبله في شواهد الالتفات.
٥ أي: إلى امتثال ما أُمر به.

<<  <  ج: ص:  >  >>