ولقي أبو القاسم التنوخيّ، من الوزير المهلّبيّ، كل رعاية وعناية، وكان يميل إليه جدا، ويتعصّب له، ويعدّه ريحانة الندماء «١» ، وكان من جملة القضاة الذين يجتمعون، مع الوزير المهلّبي، مرّتين في كل أسبوع، على اطّراح الحشمة، والتبسّط في القصف واللهو «٢» .
وبلغ من وفاء المهلبيّ، لأبي القاسم التنوخيّ، انّه لما توفيّ التنوخيّ في السنة ٣٤٢، صلى عليه المهلبيّ، وقضى ما عليه من الديون، وكان مقدارها خمسون ألف درهم «٣» .
نشأ المحسّن التنوخيّ، بالبصرة، وسمع من أبي بكر الصولي، وأبي العبّاس الأثرم، والحسين بن محمد النسويّ، وطبقتهم «٤» ، وشبّ، وتفقّه، وشهد عند القاضي أحمد بن سيّار، قاضي الأهواز»
، ولمّا نزل الوزير المهلبيّ بالسوس، قصده المحسّن التنوخيّ، للسلام عليه، وتجديد العهد بخدمته، فرحّب الوزير به، وطالبه بأن يلحق به في بغداد، ليقلّده القضاء «٦» ، فأطاع، ولحق بالمهلبيّ الذي كلّم في أمره قاضي القضاة، فقلّده في السنة ٣٤٩ قضاء القصر، وبابل، بسقي الفرات «٧» ، ثم ولاه المطيع لله القضاء بعسكر مكرم وايذج ورامهرمز «٨» .
واستقر المحسّن التنوخيّ ببغداد، وشملته عناية الوزير المهلبيّ، فأصبح من ملازمي مجلسه، وقد أثبت في نشواره، قصصا عدّة، عن مكارم أخلاق المهلبيّ، وشريف طباعه «٩» .
إنّ استعراض القصص التي أدرجها التنوخيّ في النشوار، ينير لنا الطريق