وكان أبو القاسم ابن أبي عبد الله البريديّ «١» ، لما ملك البصرة، صادره على مال أفقره، وسمّر يديه في حائط، وهو قائم على كرسيّ، فلما سمّرت يداه بالمسامير في الحائط، نحّي الكرسي من تحته، وسلّت أظافيره، وضرب لحمه بالقصب الفارسي «٢» ، ولم يمت، ولا زمن، ورأيته بعد ذلك بسنين صحيحا.
ولا عيب فيهم، إلّا ما كانوا يرمون به من الغلّو، فإنّ القاسم وولديه، استفاض عنهم، أنّهم كانوا مخمّسة، يعتقدون أنّ عليا، وفاطمة، والحسن، والحسين، ومحمد صلوات الله عليه، خمسة أشباح أنوار قديمة، لم تزل، ولا تزال، إلى غير ذلك من أقوال هذه النحلة، وهي مقالة مشهورة.
وكان القاسم ابنه، من أسمح من رأينا في الطعام، وأشدهم حرصا على المكارم، وقضاء الحاجات.
وكان لأبي جعفر، محمد بن القاسم، على ما بلغني، في غير عمل تقلّده وخرج إليه، ستمائة دابّة وبغل، ونيف وأربعون طبّاخا.
ثم آلت حاله في آخر عمره إلى الفقر الشديد، ومات بعد سنة ٣٤٠ في منزله ببغداد.