للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبأمر جاريه، أي راتبه، فقد كان مسبّبا، أي مقرّرا، على خزينة الأهواز «١» .

ولم ينس قاضي القضاة، أن يشدّد على أبي القاسم التنوخيّ، في النصيحة، بأن يكتم عن الناس، حقيقة سنّه، كيلا ينسب إلى الحداثة، وقلّة الحنكة.

ويقول أبو القاسم التنوخيّ، إنّ الصدفة الحسنة، أطلعت له، خلال سفره إلى محلّ عمله، شعرة بيضاء في لحيته، فأخذ يتعمّل لإخراجها، ليراها الناس، متجّملا بها «٢» .

وكان تقليد أبي القاسم التنوخيّ، القضاء في جنوبي العراق، مبدأ صلة ربطت هذه العائلة بتلك المنطقة.

تقلّد أبو القاسم التنوخيّ، القضاء بهذه المنطقة، سنين، ثم صرف، فقصد الأمير سيف الدولة الحمدانيّ، زائرا ومادحا، فأكرم سيف الدولة مثواه «٣» ، وأحسن قراه، وكتب في معناه إلى الحضرة «٤» ببغداد، فاعيد إلى عمله، وزيد في رزقه، وولي القضاء رئاسة، بعهد كتبه له الوزير أبو عليّ ابن مقلة، وشهد الشهود عنده، فيما حكم بين أهل عمله بالحضرة، والظاهر أنّه تقلّد القضاء بالكرخ من الحضرة «٥» .

إنّ ذكاء أبي القاسم التنوخيّ، وألمعيّته، أيّام تقلّده القضاء في جنوب العراق، نبّهت إليه أبا عبد الله البريديّ، شيخ البريديّين، وكان إذ ذاك، عاملا من عمّال السلطان في تلك المنطقة، فلمّا علت منزلته، وقويت سطوته، اجتذب إليه أبا القاسم التنوخيّ، فألحقه بخدمته، ونصبه مستشارا له، وأناط به الترسّل في أموره البالغة الأهميّة، التي لا يمكن أن يعوّل فيها، إلّا على شخص مثل أبي القاسم التنوخيّ، وافر الذكاء، عظيم الحرمة.

فقد كان في السنة ٣٢٤ رسول البريديّ إلى القائد ياقوت، حيث عقد

<<  <  ج:
ص:  >  >>