فلما رآه في سرار، وقف، ولم يحب أن يجلس إلّا بعد مشاهدة الوزير له، تقرّبا إليه، وتلطّفا في استمالة قلبه، فإنّه كان إذ ذاك فاسد الرأي فيه.
فقال الحاجب لأبي السائب: يجلس قاضي القضاة.
وسمعه الوزير، فرفع رأسه، وقال له: اجلس يا سيّدي.
وعاد إلى سراري، وقال لي: هذه أشدّ من تلك، فامض إليه في غد، فسترى ما يعاملك به.
وقطع السرار، وقال لي ظاهرا: قم فامض فيما أنفذتك فيه، وعد إليّ الساعة بما تعمله.
فوهم أبو السائب بذاك أنّنا في مهمّ.
فقمت، ومضيت إلى بعض الحجر، وجلست إلى أن عرفت انصراف أبي السائب، ثم عدت إليه، وقد قام عن ذلك المجلس.
وجئت من غد إلى أبي السائب، فكاد يحملني على رأسه «١» ، وأخذ يجاذبني بضروب من المحادثة والمباسطة.
وكان على ذلك دهرا طويلا «٢» .
معجم الأدباء ٦/٢٥٣
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute