للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعطاهوها أَعطى المذكّرُ المؤنّثَ، الضَميران إذا كانا غائِبَين جازَ وَصْلهُما وفَصلُ الثَّاني وهذا لأنَّ أحدَ الضَّميرين ها هُنا لا بُدَّ من أَن يكونَ مُتَّصِلًا لأنَّ المَوضعَ مَوضعُ الوَصْلِ، كما في ضَربتُهُ وأَكرَمتُهُ، وأمَّا الثَّاني فَيَجوزُ وَصلُه قِياسًا على الضَّميرِ الأوَّلِ، لأنَّ تَعَلُّقَ الثَّاني بالفِعلِ كَتَعَلُّقِ الأوَّلِ به وفي الاستِحسانِ لا يَجوزُ لما ذَكرنا من أنَّ الضَّميرَ المَنصوبَ لا يَتَّصِلُ بالاسمِ فإِن سَألتَ: فَكَيفَ وَرَدَ ضَميرُ المُذَكَّرِ الغائبِ ها هُنا مع الواوِ ولم يَجِيءْ مَعه ضَميرُ المذكَّرِ المخاطَب، أَجبتُ: لأنَّ الهاءَ لخَفائِها وبُعدِ مَخرجِها أَصلُها أن تَكونَ بالمَدِّ تَقويَةً وإِبانةً ويَشهدُ لكونِها خَفِيَّةً قولهم أرادَ أن ينزعَهَا ويَضربها بالإِمالةِ، وكذلِكَ أَجازوا في رُدّ أمرًا الوجوهَ بخلافِ رُدَّه فإنَّه لا يجوزُ إلَّا الضَّمّ، لأنَّهم قَدَّروه تقديرَ رَدُّوا، وقالُوا فصارتِ الدَّالُ كَأَنَّها قَد وَلِيَتِ الوَاوَ التي بَعدَها ولذلك صارت في رَدَّها كأنَّها قد وَلِيَت الألِفَ وهذا معنَى قَولِهم: الهاءُ حَرفٌ (١) حاجِزٌ غيرُ حَصِينٍ، والذي يَدُلُّ على ذلك أيضًا أنَّ الَّذين يَمدُّون بينَ كلمتين الثانيةُ منهما ألفُ قَطعٍ من القراءَةِ نحوَ قولِهِ (٢): {فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ} {إِنَّا مَعَكُمْ} (٣) إِنَّما لم يَمُدُّوا، وقوله منه: {إِنَّهُ لَيَئُوسٌ} (٤) و {اسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ} (٥) ونحوه لأنَّه يُؤدي إلى التقاءِ السَّاكنين معنى، إلَّا أنَّه جازَ طرحُه في سائِرِ المواضِعِ تَخْفِيفًا، وها هنا لم يَجُز لِيَقَعَ فَصلًا بينَ الخَفِيفَين المُتجانِسَينِ.

الضَّغمةُ: هي العَضَّةُ، لضَغمِهُماها بَدَلٌ من قوله بِضَغمَةٍ، الضَّمِيرُ الأوَّلُ في قولِهِ (٦) لِضَغمهماها لِسَبُعَين، وأمَّا الثَّاني فلِضَغْمَةٍ، ومنها اشتقاقُ


(١) في (أ).
(٢) سورة البقرة: آية: ٤٥، وفي (أ) فتاب عليهم.
(٣) سورة البقرة: آية: ١٤.
(٤) سورة هود: آية: ٩.
(٥) سورة النصر: آية: ٣.
(٦) في (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>