للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ كُلَّ واحدٍ من هذه (١) الإِبل يَدعو إلى الشُّرب أَخاه بلفظَةِ الشِّيب وأنَّه إذا سَمِعَ الآخرُ صوتَ تَجَرُّعِهِ الماءَ ازدادت فيه رَغْبَتُهُ، وهذا المعنى وإن كان يُستفادُ منه والاسم (٢) مضافُ إلى الشِّيب، لكنَّه (٣) لا يُستفاد منه إذا لم يُضَف إليه لاحتمالِ أن يَنصرفَ الوَهمُ إلى أنَّه جَمْعُ أَشيبٍ مُرادًا به البَعِير.

وأمَّا قولُ لبيدٍ، فلأنَّ المُرادَ المُتداركة وهي مجازٌ، وقد جَعَلَ معنى المجازِ بالإِضافةِ إلى الحقيقةِ كلا مَعنًى، لأنَّه جَعَلَهُ اسمًا ساذجًا، ولفظًا مَحضًا وأمَّا في قَولهم: هذا حَيُّ زيدٍ، فهو وإن كانَ مَزيدًا من (٤) حيث الظَّاهِرِ، فهو غيرُ مَزيدٍ من حَيثُ المعنى، لأنَّ زيادَتَه تُفيدُ نوعًا من تَحْقِيرِ ما أُضيفَ إليه الحَيُّ، وحَطِّ منزِلَتِهِ، كأنَّه يَقولُ: هذا جِسمٌ ليس له سوى أنَّه حيٌّ، وشَبَحُ ما فيه سوى أنه حسَّاسُ مُتَحَرِّكٌ، ولذلك ورد في الحديث: "أنَّ الرجلَ الميتَ يُسأَلُ عن كلِّ شيءٍ حيٍّ، حتى (٥) عن حبِّه أهلَهُ" وتفسيرُه أنَّه يسأَلُ عن كلٍ نفسٍ حيَّةٍ كالهِرَّةِ ونحوها، وأَنشد الشيخُ أبو علي الفارسي (٦):

أَبو يَحي (٧) أَشَدُّ النَّاسِ مِنَّا … عَلينا بعدَ حيِّ أَبي المُغِيرَة

وأنشدَ أيضًا (٨):

* وحيّ بَكرٍ طعنَّا طَعنةً نَجرا *


(١) في (أ).
(٢) في (ب) أنّ الاسم …
(٣) في (أ).
(٤) في (أ) في الظاهر.
(٥) في (ب).
(٦) أنشده الفارسيّ في كتاب الشعر: ورقة: ١٢، وانظر خزانة الأدب: ٢/ ٢١١.
(٧) في النّسختين: "أبو يحيى" وفي كتاب الشعر والخزانة: "أبو بحر".
(٨) كتاب الشعر: ورقة ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>