للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالنَّصبُ على الظَّرف، وقال الكوفيُّون: زيد قُدَّامٌ وخَلْفٌ بالرَّفع بمعنى متقدّمٌ ومتأخر، وإذا قُلتَ: ذَهَبَ زيدٌ خَلفًا، فهو عند البَصريّين نَصبٌ على الظَّرفِ وعندَ الكوفيِّين على الحال، فعلى ذلك لستُ أسلم أن قبلًا في قوله: (وكنتُ قَبلًا) هو هو في قولك جئتُ قبلَك ألا تَرى أنَّ قَبلًا في قولِكَ جئت قبلَك غيرُ صفةٍ، وفي كنتُ قَبلًا إذا كان انتصابُه على الحال صِفةٌ، وكَم بينَ الصِّفةِ وغيرِ الصفة. الإِضافةُ على ما قررته في مِثل، وشِبه وغير لفظيَّةٌ فلا تكونُ هذه الأسماءُ من قَبيلِ المُضافِ إِضافةً معنويَّةً، فإِن سألتَ: كلُّ: ليس من قبيل الإِضافات بدليل قولك: جاءَني الكلّ، ورأيت الكلّ، ومررت بالكلّ؟ أجبتُ: اللَّامُ فيه تَنوب عن الإِضافةِ، وإن (١) أردتَ أن تعرفَ نيابةَ اللَّامِ عن الإِضافةِ فتَأَمَّل بيتَ العراقيّات (٢):

هُمُ في الرّضى كالماءِ يُسترُ في الظَّبي … وكالنَّارِ فيها حين يسلُبها السُّخط

فاللَّامُ في السُّخطِ لو لم تكن نائبةً عن الإِضافةِ، لَفَسَدَ برمَّتِهِ معنى البيت.

تخمير: وإنَّما نابت اللَّامُ عن الإِضافةِ إِلى الضميرِ لِشَيئين:

أحدهما: أنَّ اللَّامَ للإِشارةِ كالضميرِ.

والثاني: أنَّ اللَّامَ لما كانت للعهدِ، والمعهودُ غائبٌ جرت مجرى الضَّمير، كذا ذكره النحويون لأنَّ كُلًّا منهما لا يَحْتَمِلُ التَّنكِيرَ.

قال جارُ اللَّه: "فصلٌ، وأيٌّ إضافتُه إِلى اثنين فصاعدًا إذا أُضيف إِلى المعرفةِ، كقولِك: أيُّ الرَّجُلين، وأيُّ الرّجال عندك، وأيُّهم وأيُّ من رأيتَ أفضلُ، وأيُّ الذين لقيتَ أكرمُ.


(١) في (أ) فإن.
(٢) العراقيات: ١/ ١٨٩، وفيه: "يستنّ، ويستنّها".

<<  <  ج: ص:  >  >>