للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَجري مَجرى الكِنَايَةِ، فلذلك تَتَعَرَّفُ، والكنايةُ لا تَجري، ومن المثال الطَّيِّبِ في هذا الباب قولُ أَبي الطَّيِّبِ (١):

بغيرِكَ راعيًا عَبَثَ الذِّئَابُ … وغَيْرِكَ صارِمًا ثَلَمَ الضّرابُ

ألَا تَرى أنَّه نَصَبَ راعِيًا وصَارِمًا على الحالِ من غيرِك.

الثالثُ: أن تقعَ موقِعًا تارةً تكُون (٢) فيه مَعرفةً، وأُخرى نكرةً كما إذا قلتَ: مررتُ برجلٍ كَريم غيرِ لَئِيمٍ، وعاقلٍ غيرِ جاهِلٍ، فالرَّجُل (٣) الكريمُ غيرُ اللَّئِيمِ، والعاقلُ غيرُ الجَاهِل. قال الإِمامُ عبدُ القاهر الجُرجانيّ: وقوله تعالى (٤): {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} من القسم الثالث. وقد جَعَلَهُ شَيْخُنا من قَبِيل القِسمِ الثَّاني فكانَ مُستدرَكًا عليه (٥). قال النَّحويون: إذا قلتَ: مررتُ بالرَّجُلِ الكريمِ غَيرِ اللَّئيمِ، والعالِمِ غيرِ الجاهِلِ، فالمعنى: مررتُ بالرَّجلِ الكريمِ لا اللَّئِيمِ، والعالِمِ لا الجاهِلِ، ومن ثمَّ (٦) وردَ في المعطوف عليه "غيرِ" في قوله تعالى (٧) {وَلَا الضَّالِّينَ}.

قال جارُ اللَّه: "فصلٌ، والأسماءُ المضافةُ إِضافةً معنويةً على ضربين: لازمةٌ للإِضافة وغيرُ لازمةٍ لها، فاللَّازمةُ على ضربين ظروفٍ، وغيرِ ظروفٍ، فالظروفُ نحوُ: فوقَ، وتحتَ، وأمامَ، وقُدَّامَ، وخلفَ، ووراءَ (٨)، وتلقاءَ، وتِجَاهَ، وحِذا، وحذوَ، وعندَ، ولَدُن، ولَدَى، وبَينَ، وَوَسْطَ، وسِوى، وَمَعَ، ودونَ. وغيرُ الظروفِ نحو مِثلِ، وشِبهِ،


(١) انظر التبيان في شرح الديوان: ١/ ٧٥.
(٢) في (ب) فيه يكون نكرة وأخرى معرفة.
(٣) في (أ) الرجل.
(٤) سورة الفاتحة: آية: ٧
(٥) نقل البيكندي هذا الاستدراك في كتابه المقاليد: ١/ ١٨٠ ناسبًا ذلك لنفسه.
(٦) المقاليد: ١/ ١٨٠ دون إشارة إلى أنه استفاد من التخمير.
(٧) في (ب).
(٨) في (أ) وتلقاء ووراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>