في حالَةِ كَونِهِ راكِبًا، ولهذا وَجَبَ تَنْكِيرُها، وخبرُ كان مُشبَّةٌ بالمفعولِ غيرِ الصَّحِيحِ، بدليلِ أنَّك إذا قلتَ: كانَ زيدٌ مُنطلقًا، فمَعنَاه: كانَ زيدٌ على صِفةِ الانطلاقِ، ثمَّ المفعولُ غيرُ الصحيحِ بمنزلةِ المفعولِ الصَّحيحِ، والحالُ يُشبِهُ الظَّرفَ من حيثُ إنَّك إذا قلتَ جاءَ زيدٌ راكبًا فَمَعناه: جاءَ زيدٌ حالَ كونِهِ راكبًا، وقَولُك: حالَ كونِهِ راكبًا ظرفٌ فإن سألتَ: فلمَ لَم يُسمَّ ظَرفًا، كما سُمِّي "فَاهًا لفيك" مَصدرًا؟ أَجَبتُ: الحالُ لها شَرِيطَةٌ وهي: أن تَكونَ بَيانَ هَيْئَةِ الفاعلِ والمَفْعُولِ، ولا كَذَلِك الظَّرفُ، فَسَمَّوا هذا النوعَ من الظَّرفِ حالًا.
قالَ جَارُ اللَّهِ:"ومَجيئُها لِبَيانِ هَيْئَةِ الفاعِلِ أو المَفعولِ، وذلك قولك: ضَربتُ زَيدًا قائِمًا تَجعله حالًا من أيِّهما شِئْتَ".
قالَ المشرِّحُ: بيانُ هَيْئَةِ الفاعلِ والمَفعولِ كَقَولِكَ: ضَربْتُ زيدًا قائمًا، يَحْتَمِلُ أن يكونَ قائمًا حالًا من التَّاءِ في ضربتُ، وأن تكونَ حالًا من زيدٍ، فيكونَ المعنى في الأولِ: ضَربتُ زيدًا وأنا قائمٌ، وفي الثاني: ضربتُ زيدًا وهو قائمٌ، ثُمَّ الحالُ ليست بيانَ هيئةِ الفاعلِ أو المفعول على الإِطلاقِ، بل وَقتَ وقوعِ الفعلِ منه أو عليه.
قالَ جارُ اللَّهِ:"وقد تكونُ منهما ضَربةً على الجَمْعِ والتَّفريقِ، كقولك: لقيتُه راكبين، قال عَنترة:
متى ما تَلقَني فَردَين تَرجِف … روانفُ إليَتَيكَ وتُستَطَارا
ولقيتُه مصعِدًا ومُنحَدِرًا".
قالَ المشرَّحُ: إذا قلتَ: لقيتُ زيدًا راكبين، " فراكبين" حالٌ من انفاعِلِ والمَفعولِ على الجَمْعِ، وإذا قلتَ: لقيتُه مصعدًا ومنحدرًا، "فمصعدًا" و "منحدرًا" حالٌ منهما على التَّفريقِ. الرَّانِفةُ: ناحيةُ الإِليَةِ،