للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم. يهجو عُمَرَ بنَ لَجَأٍ التَّيمي (١).

قالَ جارُ اللَّه (٢): "وأن يقعَ في الأمرِ والنّهي كقولك: زيدًا اضرِبْهُ، وخالدًا اضربْ أباه، وبشرًا لا تَشتُمْ أخاه، وزيدًا ليضربْهُ عَمرو، وبِشرًا ليقتُلْ أباه عَمرو".

قال المشرّحُ: ها هنا بيَّنَ الشّيخُ النَّوعَ الرّابعَ من أنواعِ الموقعِ الذي هو بالفعلِ أولى، وذلك إذا كان الفِعلُ الواقِعُ بعدَ ذلِكَ الاسمِ أمرًا أو نَهيًا، فَنصبُ ذلك الاسمِ أولى من رَفعِهِ، لأنَّه لو رُفعَ رُفعَ بالابتداءِ، ولا يحسُنُ رفعُه بالابتداءِ، لأنَّه لو رُفع بالابتداءِ لَوقَعَ الأمرُ والنَّهيُ موقعَ (٣) الخبرِ وذلك قبيحٌ، لأنَّ الخبرَ مما يتطرقُ إليه الصِّدقُ والكَذِبُ.

قالَ جارُ اللَّه: "ومثله أَمَّا زيدًا فاقتُله، وأمَّا خالدًا فلا تَشتُم أباه.

قالَ المشرّحُ: يقولُ الشيخُ: الاسمُ إذا وَقَعَ بعدَ الأمرِ والنَّهي فإنّه لا يجوزُ رفعُه بالابتداءِ وإن دَخَلَ على أوّلِه ما يُقَوِّي جانبَ الابتداءِ وهو "أمَّا". فإن سألتَ: فيمَ انتصبَ زيدًا ها هنا؟ أجبتُ: بمضمرٍ على ما ذَكَرنا، وهو المعاملةُ، والمعنى: أمَّا معاملتُنا (٤) زيدًا فهذه المعاملةُ، وهي أنَّا نأمرُ بقتلِه، فإن سألتَ: ألستَ قد وقعتَ فيما فَرَرتَ منه وهو جَعلُ الأمرِ خَبرًا؟ أحبتُ: لا، لأنَّ هذا وإن كانَ فيه جَعلُ الأمرِ خَبرًا لكن على وَجهِ الخِفّةِ ضرورةَ أنَّ المُبتَدَأ ها هنا مَنوِيٌّ غيرُ ظاهرٍ، وذلك فيه جَعلُ [الأمرِ خبرًا على وجهِ] (٥)


(١) عمر بن لجأ بن حديد بن مصاد من تيم الرباب اشتهر بمهاجاة جرير أخباره قليلة جدًا، فلم يذكره أبو الفرج في الأغاني. يقول ابن قتيبة إنه مات بالأهواز انظر الشعر والشعراء: ٢/ ٦٨٠، وطبقات فحول الشعراء: ١/ ٤٣١.
(٢) في (ب) قال: رحمه الله بدل جار اللَّه سهو من الناسخ.
(٣) في (ب) بموقع.
(٤) نقل الأندلسي في شرحه: ١/ ٢٢٧ نصّ كلام المؤلف هنا وعلق عليه بقوله: أقول: تقدير الناصب من لفظ الفعل المذكور -إن أمكن- أولى.
(٥) في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>