للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهُما: أنَّك تقولُ: لقيتُ رجلًا وأكرمته، [ولا تقولُ وأكرمت] (١)، وبه اتَّضح أنّ الثاني هو العامِلُ في قوله: {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا}.

الوجهُ الثاني: أنَّه لو أَعمل الأول لَزِمَ من ذَلِكَ التَّقديمُ والتأخيرُ. الشيءُ الثاني: بيتُ طفيلٍ أَنشد سيبويهِ (٢) بنصبِ لونَ.

أمَّا الشَّيءُ الثَّالِثُ: -وعليه الاعتماد- فإنَّهم قالوا المقتضيان متى ازدحما على شيءٍ فالغلبةُ لآخِرِهما وجودًا، ويشهدُ له مسألةُ التعليق وهي: علمتُ لزيدٌ منطلقٌ وَعلمتُ ما زيدٌ منطلقٌ، وعلمتُ أزيدٌ منطلقٌ أم عمرٌو، ألا تَرى أنّ فِعل القلبِ يقتضي انتصابَ الاسمين على أنَّهما مفعولان، ولامُ الابتداءِ تقتضي ارتفاعَهُما، لأنَّ من شأنِ لام الابتداءِ أن تَدخل على المبتدأ ها هنا إلَّا إذا ارتفعَ الاسمان بالابتداءِ واللَّامُ آخِرُهُما وجودًا، فكان (٣) الغَلبةُ له، وكذلك حرفُ النَّفي ها هنا هو الذي يَدخلُ على المبتدأ، ولن يَدخلَ على المبتدأ ها هنا إلَّا إذا ارتفعَ الاسمان فيرتفعان بالابتداءِ. وكذلك همزةُ الاستفهامِ لها صدرُ الكلام، ولن يكونَ لها صدرُ الكلامِ ها هنا إلَّا إذا ارتفعَ ما بعدها بالابتداءِ، والدَّليلُ عليه أيضًا أنَّك إذا قلتَ: إن أكرمتَني فقد أكرمتُك، كانَ قولك على المعنى، وكذلك قالوا إنَّ "معاريضَ" لا تمالُ لمكانِ الحرفِ المُستَعلى وهو الضّادُ -وإن كانت الراءُ مكسورةً فيه يقتضي أن تُمال لأنَّ الحرف المُستعلى آخرُهما وجودًا- فكان الحكمُ له بخلافِ طاردٍ وغارِمٍ فإنَّه يُمال، ولذلك إذا قلتَ لا مالَ له فالمالُ ها هنا إمَّا مفتوحٌ، وإمَّا مرفوعٌ، فإذا قُلتَ بقي بلا مالٍ له فالمالُ مجرور لأنَّ الباء آخرُهما وجودًا.

وأظهرُ منهما قولهم: ما مررتُ إلَّا بزيدٍ، وأظهرُ من ذلك قولك لم أَقرأ إلَّا


(١) في (ب) فقط.
(٢) الكتاب: ١/ ٣٩.
(٣) في (أ) وكان.

<<  <  ج: ص:  >  >>