للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال جارُ الله: "وما لَيس على مثالِه ففيه التصحيح كالنَّومة واللُّوَمَة والعُيَبَة والعِوَض والعِوَدَة".

قال المُشَرِّحُ: لأنه ليس في الأَفعال فعل على فعل أو فِعُل.

قال جارُ الله: "وإنما أعلوا قيمًا لأنه مصدر بمعنى القيام، ووصف به في قوله عز وجل (١): {دِينًا قِيَمًا} والمصدر يعل باعتلال الفعل.

قال المُشَرِّحُ: {دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} أي: دينًا ثابتًا قائمًا لا ينسخ كما تُنسخ الشرائع التي قبلها، وهذا لأن قيام الشيءِ يرادُ به ثَبَاتُهُ ودوامه، وأنشد أبو زيدٍ: في قوله:

* يَدُومُ الفُرات فوقها ويَمُوْجُ *

ومنه ماء دائم، وقوله [تَعالى] (٢): {مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} أي: ثابتًا في اقتصائك له ومطالبتك إياه. وقوله (٣): {وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ} أي: يُديمونها ويحافظون عليها. قال الأخفش (٤): في {قيام} ثلاث لغات قيام وقيم وقوام.

فإن سألتَ: لمَ لا يجوزُ أن يكون "قيم" صفة ها هنا؟.

أجبتُ: لقلة مجيء هذا البناء في الصفة، ألا تَرى إنه إنما جاء في قولهم: مكان سُوى، وقوم عُدى. وفِعل في المصادر كثير كالشِّبع والرّضى والصّغر والكِبر.

فإن سألتَ: فكيف اعتلت هذه الكلمة ولم يعل العَوَض والحَوَل؟.


(١) سورة الأنعام: ١٦١.
(٢) في (ب) سورة آل عمران: ٧٥.
(٣) سورة إبراهيم: ٣١.
(٤) قال في معاني القرآن ١/ ٢٩٢: "وقال: {دِينًا قِيَمًا} أي مستقيمًا، وهي قراءة العامة، وقال أهل المدينة: {قِيَمًا} وهي حسنة، ولم أسمعها من العرب".

<<  <  ج: ص:  >  >>