للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتَّى الليلِ فلا، وأما حتَّى الظهرِ فلا، وأما إلى الليلِ فلا، أو لا يحسُن فيهما إلا الجزاء.

وأما افتراقهما (١) فتقول: كتبت إلى زيد ولا تقولُ حتّى زيدٍ، وتقول: أنا إليك أي: أنت غايَتي، ولا تكون "حتَّى" ها هنا، ولأن معنى "إلى" إنتهاء له ابتداء فيما يدل عليه على نقيضِ "مِنْ" كقولك: خرجت من بغداد إلى الكوفة وليس كذلك "حتى"؛ لأنها لا تجيء على مقابلة "إلى"، لا يجوز خرجت من بغداد حتَّى الكوفة، لضعفها عن معنى الغاية، وذلك لخروجها إلى غيرها من المعاني، ولأنَّ "حتى" تصلح للمُفرد والجُملة، نحو ضربتَ القومَ حتّى زيدٍ وسرحت القَومَ حتّى زيدٍ مسرح، ولا تقع "إلى" هذا الموقع، لأنَّها للمُفرد كما أن "من" للمُفرد. قال عليُّ بن عِيْسى: واعلم أن "حتى" تأتي على وجهين:

أحدهُما: أن تكونَ غايةً لما انتهى الأمر به.

والآخر: أن تكون غايةً لما انتهى الأمر عنده. وإذا جررت بها احتُمل الوجهين، وإذا عطفت بها لم يكن إلا لما انتهى الأمر إليه، كقولك: ضربتُ القومَ حتَّى زيدٍ بالخفض، والثاني: ضربتُ القَوْمَ حتى زيدًا، وجاءني القومُ حتى زيدٌ.

قال جارُ اللَّهِ: "ومن حقها أن يدخل ما بعدها فيما قبلها ففي مسألة السمكةِ والبارحةِ قد أُكل الرأسُ ونِيْمَ الصَّباحُ".

قال المُشَرِّحُ: هذا الكلام منظور فيه (٢) لأن مسألة البارحة لم ينم الصباح، ألا تَرى أن ما بعد "حتى" بمنزلة التفصيل لما قبل حتى فإذا لم يدخل في الإِجمال لم يَدخل في التَّفصيل.


(١) في (أ) تفرقهما.
(٢) نقل الأندلسي في شرحه (٣/ ١٦٢) شرح هذه الفقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>