موحدية. وكان استيلاء الموحدين على غرناطة في سنة ٥٥١ هـ (١١٥٦ م)(١).
وتلا استيلاء الموحدين على غرناطة، استيلاؤهم على ألمرية. وكان النصارى قد انتهزوا فرصة الاضطراب العام الذي ساد الأندلس، عقب انهيار سلطان المرابطين، وجهزوا حملة صليبية برية وبحرية، اشتركت فيها ممالك اسبانيا النصرانية قشتالة ونافار (نبرّة)، وأراجون وقطلونية، ومعها أمداد من جنوة وبيزة وبعض حشود من وراء البرنيه وذلك لافتتاح ثغر ألمرية، وحاصروا ألمرية براً وبحراً، مدى ثلاثة أشهر، واستولوا عليها حسبما ذكر في موضعه في شهر أكتوبر سنة ١١٤٧ م (٥٤٢ هـ). وكان الموحدون مذ عبروا إلى شبه الجزيرة، واستقروا في قرطبة في أواسط الأندلس، يتوقون إلى استرداد هذا الثغر الإسلامي العظيم، خصوصاً وقد كان وجود النصارى فيه يهدد مواصلاتهم البحرية شرقي بحر الزقاق، فيما بين شاطىء المغرب الأوسط، وجنوبي الأندلس.
فلما تم استيلاؤهم على غرناطة، شعروا بأن الفرصة قد سنحت لتحقيق هذا المشروع، الذي كان الخليفة عبد المؤمن، يحبوه بمزيد من عنايته واهتمامه.
فحشد السيد أبو سعيد والي غرناطة قواته، وبعث إلى ألمرية بادىء ذي بدء حملة استطلاعية، وصلت إلى أسوار ألمرية، وقتلت عدداً من النصارى، ثم ارتدت إلى حصن برجة الواقع شمال غربي ألمرية، وعلمت من أهله أن النصارى بقصبة ألمرية في عدد قليل، ولا يستطيعون دفاعاً عن المدينة. وعلى أثر ذلك سار السيد أبو سعيد إلى ألمرية في جيش ضخم من الموحدين، ومعهم قوة أندلسية بقيادة أحمد بن ملحان صاحب وادي آش السابق، بينما قصد إليها من البحر أسطول سبتة الموحدي بقيادة أمير البحر عبد الله بن سليمان. وضرب الموحدون حول ألمرية حصاراً محكماً، ونصبوا حولها المجانيق، وابتنى السيد أبو سعيد فوق الجبل الذي احتله الموحدون إزاء المدينة، سوراً يمتد إلى البحر، وأمامه خندق عميق، وذلك حتى يعوق وصول النجدات إلى المدينة. وشعر النصارى بالقصبة منذ البداية بخطورة الموقف، فبعثوا يستغيثون بعاهلهم، وهرع ألفونسو السابع أو السُّليطين حسبما تسميه الرواية الإسلامية، لإنجاد المحصورين في جيش قوامه إثنا عشر ألف فارس، وقدم معه حليفه محمد بن سعد بن مردنيش أمير شرقي الأندلس في جيش من ستة آلاف من المسلمين. وكان مقدم الأمير المسلم في هذا
(١) روض القرطاس ص ١٢٧، والبيان المغرب القسم الثالث ص ٣٣.