للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانضمت إليه حشودها، فاستقر الرأي على غزو أراضي البرتغال انتقاماً من ملكها ألفونسو هنريكيز (ابن الرنك). فسارت القوات الموحدية وحلفاؤها نحو الشمال الغربي، حتى عبرت نهر التاجه، وهاجمت حصن أطرونكس (١) وتغلبت عليه وقتلت حاميته، وعاثت في تلك المنطقة قتلا وسبياً، وامتلأت أيدي الغزاة من الغنائم والأموال والأسرى، وبادر النصارى في تلك المنطقة فاحتشدوا وقدموا مسرعين لمقاتلة المسلمين، ونشبت بين الفريقين معركة هزم فيها النصارى، واستولى المسلمون على أسلابهم، وعاد الموحدون وقائدهم ظافرين إلى إشبيلية، ولما وصلت أنباء هذه الفتوحات إلى مراكش، بعث الخليفة إلى عبد الرحمن ابن يكيت وعبد الله بن أبى حفص بالقدوم إلى الحضرة (مراكش) فقدما إليها، وقدّما إلى الخليفة خضوعهما، وعرفاه بما فتح الله على عسكره من النصر، وما تحقق للأندلس من رعاية أحوالها، والتفاف أهلها حول رايته، ودعائهم له بالتأييد ودوام النصر (٢).

وكان لهذه الإنتصارات الموحدية بالأندلس، تأثير حاسم في سير الحوادث بمدينة غرناطة. وكانت غرناطة، قد بقيت بأيدي المرابطين، من بعد وفاة عميدهم الأمير يحيى بن غانية في شعبان سنة ٥٤٣، واستطاع واليها ميمون بن يدّر اللمتوني، أن يصمد بها طوال هذه الأعوام السبعة. فلما تتابعت الحوادث، وامتد سلطان الموحدين إلى معظم قواعد الأندلس الغربية والوسطى، وتوالت انتصاراتهم في منطقة قرطبة وما إليها، شعر المرابطون في غرناطة بتحرج مركزهم، وتضاؤل قواتهم ومواردهم، فبعث واليها ميمون بن يدر إلى عبد المؤمن يعرض تسليمها، ويلتمس العفو والأمان، فأجابه عبد المؤمن إلى طلبه، وأمر عبد الله بن سليمان صاحب الأسطول بسبتة، وولده السيد أبا سعيد والي سبتة والجزيرة الخضراء بالسير إلى غرناطة، فسارا إليها، واستقبلهما ميمون وحاميته المرابطية بترحاب، وتسلم الموحدون المدينة، وعاد ميمون وصحبه مع عبد الله ابن سليمان، إلى العدوة، ووصلوا في صحبته إلى مراكش، حيث أنزلوا منازل حسنة، وأغدقت عليهم الصلات والأرزاق. وندب عبد المؤمن ولده السيد أبا سعيد لولاية غرناطة بالإضافة إلى سبتة والجزيرة، فاستقر بها مع حامية


(١) وهو بالإفرنجية Trancoso.
(٢) البيان المغرب - القسم الثالث - ص ٣١ و ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>