للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذات ستة أضلاع، تفتح أبوابها دفعة واحدة بطريقة آلية، وكذا المنبر لا يفتح إلا عند صعود الخطيب، بطريقة آلية كذلك. وكان الذي قام على صنع المنبر والمقصورة على هذا النحو المبتكر، رجل فنان من أهل مالقة هو الحاج يعيش المالقي، وهو الذي قام فيما بعد على تخطيط مدينة جبل طارق، وصنع منارة الجامع بإشبيلية، في عهد الخليفة يعقوب المنصور، حفيد عبد المؤمن. وكمل بناء المسجد الجامع في نحو أربعة أشهر، في منتصف شعبان من نفس السنة، وبذلت في بنائه وتجميله وزخرفته جهود عظيمة وأموال جمة (١).

- ٤ -

لما أقيل ابن يومور عقب مذبحة لبلة، من ولاية قرطبة وإشبيلية على النحو المتقدم، ندب الخليفة عبد المؤمن مكانه لولاية قرطبة أبا زيد عبد الرحمن بن يكيت أو يخيت، ولولاية إشبيلية أبا محمد عبد الله بن أبى حفص بن علي التينمللي، فوصلا إلى الأندلس في أوائل سنة ٥٥٠ هـ (١١٥٥ م)، وذهب كل منهما إلى مقر ولايته. وما كاد ابن يكيت يستقر في قرطبة، حتى خرج في بعض القوات الموحدية، وسار إلى مهاجمة الحصون النصرانية في المناطق القريبة، وكان القشتاليون بقيادة ملكهم ألفونسو السابع، قد استولوا على حصن أندوجر، وحصن البطروج القريب منه، قبل ذلك بقليل، فهاجم ابن يكيت، حصن البطروج (٢) وما يليه من حصون النصارى، وتغلب على الحصن المذكور، وأسر قائده القشتالي، وبعث به إلى مراكش، ثم عاد فجهز حملة ثانية، وسار إلى مهاجمة الحصون النصرانية، واستولى منها في تلك المرة على حصنين منيعين، هما حصن منتور وحصن المدور (٣)، وهما يقعان جنوبي قرطبة، وبعض حصون أخرى.

وكان مثل ابن يكيت حافزاً لزميله عبد الله بن أبى حفص والي إشبيلية، فحشد قواته بمعاونة برّاز صاحب المخزن، وكتب إلى ابن الحجام صاحب بطليوس بأن يحشد جند الثغر، وخرج عبد الله في قواته من إشبيلية وهي تزداد كل يوم، بمن ينضم إليها من المتطوعين والمجاهدين، حتى وصل إلى بطليوس


(١) الحلل الموشية ص ١٠٩.
(٢) وهو بالإسبانية حصن Pedroche
(٣) وهما بالإسبانية Almodovar, Montoro

<<  <  ج: ص:  >  >>