للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحقيقة عند قيام القرينة على ذلك١ ولهذا سميت: لام الاستغراق إذ إن المفاد بها استغراق جميع أفراد الحقيقة -وهذه اللام قسمان- لام الاستغراق الحقيقي، ولام الاستغراق العرفي.

فالأولى: ما يكون مدخولها مرادا به كل فرد مما يتناوله اللفظ بحسب الوضع كما في قولنا: "الغيب يعلمه الله" فإن القصد فيه إلى جميع الأفراد التي يتناولها لفظ "الغيب" وضعا والمعنى: كل أفراد الغيب لا تخفى على الله, وكما في قوله تعالى: {إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} فإن القصد فيه إلى جميع الأفراد التي يتناولها لفظ "الإنسان" وضعا أي: كل إنسان, ومنه في غير المسند إليه قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} أي: محيط علما بكل مغيب وكل مشاهد.

والثانية: ما يكون مدخولها مرادا به كل فرد مما يتناوله اللفظ بحسب متفاهم العرف٢ والعادة كما في قولك: "امتثل الجند أمر الأمير" فإن المراد جميع الأفراد التي يتناولها لفظ "الجند" عرفا أي: جنود مملكته؛ لأن هذا هو المفهوم بحسب العرف، لا جنود الدنيا، إذ ليس في وسع الأمير أن يبسط نفوذه على جنود العالم أجمع عادة, ومنه في غير المسند إليه قولهم: "جمع الأمير الصاغة"٣، أي: صاغة مملكته، لا صاغة الدنيا بأسرها.

والقرينة على إرادة الشمول في لام الاستغراق نوعان: حالية،، ومقالية.

فالحالية: كما في نحو ما سبق من قولنا: "الغيب يعلمه الله" فالقرينة


١ أي: على أن ليس القصد إلى الحقيقة من حيث هي ولا من حيث وجودها في فرد مبهم فيكفي في الحمل على الاستغراق وجود القرينة الصارفة عن إرادة الحقيقة من حيث هي, ومن حيث وجودها في بعض الأفراد.
٢ المراد العرف العام أما ما كان بحسب العرف الخاص فهو داخل في الاستغراق الحقيقي.
٣ أصله صوغه تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا وهو جمع صائغ, وهذا المثال مبني على القول بأن أل الداخلة على اسم الفاعل الدال على الثبوت والدوام كما في المثال المذكور معرفة لا موصولة.

<<  <  ج: ص:  >  >>