ودليله على هذا: أن كل مجاز عقلي يمكن أن يقال فيه: هو ذكر المشبه، وإرادة المشبه به بواسطة قرينة، وكل ما هذا شأنه فهو استعارة بالكناية.
وما ذهب إليه السكاكي مردود إذ يترتب عليه أمران محظوران:
الأول: تجويز أمور تضافروا على منعها وهي:
١- ظرفية الشيء في نفسه في قوله تعالى:{فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} ذلك أن الفاعل المجازي عنده يراد به الفاعل الحقيقي بقرينة إثبات ما هو من لوازم الفاعل الحقيقي له، وحينئذ يكون المراد "بعيشة" في الآية صاحبها؛ لأنه الفاعل الحقيقي، ويصير الكلام: فهو في صاحب عيشة، وظرفية الشيء في نفسه باطل وإذًا يلزم ألا تصح الآية، واللازم باطل إذ لا شك في صحتها.
٢- إضافة الشيء إلى نفسه في نحو قولهم:"نهاره صائم" من كل ما أضيف في الفاعل المجازي إلى الفاعل الحقيقي بناء على مذهبه من أن المراد بالفاعل المجازي الذي هو "النهار" الفاعل الحقيقي الذي هو "الشخص" وإضافة الشيء إلى نفسه باطل وإذا لزم ألا تصح هذه الإضافة، واللازم باطل إذ لا شك في صحتها لوقوعها في قوله تعالى:{فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ} .
٣- ألا يكون الأمر بالبناء لهامان في قوله تعالى:{يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا} لأن المراد بضمير "ابن" حينئذ هم "العملة" بناء على مذهبه من أن المراد بالفاعل المجازي وهو "هامان" الفاعل الحقيقي الذي هو "العملة" فيلزم أن يصير الكلام: يا هامان ابن يا عملة"، فالنداء لشخص، والخطاب مع غيره واللازم باطل؛ لأن النداء لهامان، فيكون الأمر له أيضا إذ لا يجوز تعدد الخطاب في كلام واحد.
٤- أن يتوقف على السماع من الشارع قولهم: "شفى الطبيب المريض" و"سرتني رؤيتك" ونحو ذلك من كل ما كان فيه الفاعل الحقيقي هو الله تعالى؛ ذلك لأن أسماء الله توقيفية، فلا يصح أن يطلق عليه