للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم اشتق من الفعل المذكور اسم فاعل، وأسند إلى ضمير العيشة بعد جعله مبتدأ، فصار عيشة راضية.

ومثال إسناد الفعل المبني للمفعول إلى الفاعل قولك: أفعم السيل فلفظ "أفعم" فعل مبني للمجهول، وكان حقه أن يسند إلى المفعول الحقيقي الذي هو "الوادي" فيقال: أفعم الوادي أي: امتلأ، لكنه أسند إلى الفاعل الذي هو "السيل" إسنادا مجازيا للمشابهة بين "السيل والوادي" في تعلق الفعل بهما، فتعلقه بالسيل من حيث صدوره عنه، وتعلقه بالوادي من حيث وقوعه فيه فالسيل حينئذ مسند إليه مجازي, ومنه قولهم: "سيل مفعم" بفتح العين فقد أسند فيه اسم المفعول إلى ضمير السيل إسنادا مجازيا من إسناد ما هو في معنى الفعل إلى غير ما حقه أن يسند إليه, وأصل التركيب هكذا: "أفعم السيل الوادي" فبني الفعل للمجهول، وأقيم الفاعل مقام المفعول للمشابهة بينهما على ما سبق بيانه، ثم أسند الفعل إليه، فصار: أفعم السيل، ثم اشتق من "أفعم" المبني للمجهول اسم مفعول، وأسند إلى ضمير السيل بعد جعله مبتدأ، فصار: "سيل مفعم".

ومثال إسناد الفعل إلى المصدر قولهم: "جد جده" وكان حقه أن يسند إلى الفاعل الحقيقي الذي هو الإنسان، فيقال: جد الإنسان جدا، لكنه أسند إلى المصدر إسنادا مجازيا للمشابهة بين المصدر والفاعل الحقيقي, في تعلق الفعل بهما، فتعلقه بالمصدر من حيث إنه جزء مفهومه، وتعلقه بالفاعل الحقيقي من حيث صدوره منه فالمصدر إذًا مسند إليه مجازي, ومنه قولهم: "شعر شاعر" فقد أسند فيه اسم الفاعل إلى ضمير المصدر إسنادا مجازيا من إسناد ما هو بمعنى الفعل إلى غير ما حقه أن يسند إليه١.

ومثال إسناد الفعل إلى ظرف الزمان قولهم: "صام نهاره" برفع نهاره على الفاعلية، وكان حقه أن يسند إلى الفاعل الحقيقي، فيقال: صام محمد في نهاره لكنه أسند إلى الظرف الذي هو "النهار" إسنادا مجازيا


١ يحتمل أن يكون المراد بالشعر الكلام المؤلف المنظوم فيكون المثال من قبيل اسم الفاعل المسند إلى ضمير المفعول كما في عيشة راضية.

<<  <  ج: ص:  >  >>