للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمشابهة بين المسند إليه الحقيقي والمجازي في تعلق الفعل بهما، فتعلقه "بمحمد" من حيث صدوره منه، وتعلقه "بالنهار" من حيث وقوعه فيه. فالظرف حينئذ مسند إليه مجازي, ومنه قولهم: "نهاره صائم، وليله قائم فقد أسند فيهما اسم الفاعل إلى ضمير الظرف، وهو "النهار" في المثال الأول، و"الليل" في المثال الثاني إسنادا مجازيا من إسناد ما هو بمعنى الفعل إلى غير ما هو له.

ومثال إسناد الفعل إلى ظرف المكان قولك: "جرى النهر" برفع النهر على الفاعلية، وكان حقه أن يسند إلى الفاعل الحقيقي الذي هو "الماء" فيقال: جرى الماء في النهر، لكنه أسند إلى الظرف الذي هو "النهر" أي: مجرى الماء للمشباهة بين "النهر والماء" في تعلق الفعل بهما، فتعلقه بالماء من حيث صدوره منه، وتعلقه بالنهر من حيث وقوعه فيه، فالظرف إذا مسند إليه مجازي, ومنه قولهم: "نهر جار" فقد أسند فيه اسم الفاعل إلى ضمير الظرف الذي هو "النهر" إسنادا مجازيا من إسناد ما هو بمعنى الفعل إلى غير ما حقه أن يسند إليه.

ومثال إسناد الفعل إلى السبب قولهم: "بنى هامان الصرح"، وكان حقه أن يسند إلى الفاعل الحقيقي الذي هو "العملة" إذ هم البانون حقيقة، فيقال: بنى العملة الصرح بأمر هامان، لكنه أسند إلى السبب الباعث الذي هو "هامان" إسنادا مجازيا للمشابهة بين هامان والعملة في تعلق الفعل بهما فتعلقه بالعملة من جهة صدوره عنهم، وتعلقه بهامان من حيث إنه السبب الآمر فهامان حينئذ مسند إليه مجازي, ومنه قوله تعالى حكاية عن فرعون موسى: {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا} فقد أسند فيه الفعل إلى ضمير هامان مجازا من إسناد الفعل إلى السبب, فمما تقدم لك من الأمثلة تعلم أن:

علامة المجاز العقلي: هي مشابهة المسند إليه المجازي للمسند إليه الحقيقي في تعلق الفعل، أو ما في معناه بكل منهما، وإن اختلفت جهة التعلق كما عرفت.

كذلك لا بد للمجاز العقلي من قرينة صارفة عن أن يكون الإسناد

<<  <  ج: ص:  >  >>