سواه، وأما إغناء التعقيد فلأنه لازم للضعف, إذ إن تأليف الكلام إذا لم يكن على وفق المشهور من قوانينهم يوجب صعوبة في فهم المراد منه لا محالة، وذكر اللازم يغني عن ذكر الملزوم كالضاحك للإنسان, فإن ذكر الضاحك يغني عن ذكر الإنسان.
أجيب أولا: بأنا لا نسلم أن التعقيد اللفظي لا سبب له سوى ضعف التأليف؛ ذلك أن التعقيد المذكور قد يتحقق بدون الضعف كما في قولك:"إلا عمرا القوم هازم محمد" ففي هذا التركيب تقدم المستثنى على المستثنى منه، والمفعول على اسم الفاعل، والخبر على المبتدأ، وكل هذه الأمور أجازها جمهور النحاة لجريانها وفق المشهور من قوانينهم، والتركيب -مع ذلك- معقد لصعوبة فهم المراد منه, فقد تحقق التعقيد بدون ضعف التأليف.
وأجيب ثانيا: بأنا لا نسلم بأن التعقيد لازم للضعف، وأن كل ضعف يوجب تعقيدا, فإن في قولنا: جاءني أحمد "بالتنوين" ضعف تأليف؛ لمخالفته قانون النحاة وهو -مع ذلك- خلو من التعقيد لظهور المعنى المراد منه, فقد وجد الضعف من غير تعقيد.
وقد اجتمعا١ في قول الفرزدق السابق:"وما مثله في الناس ... البيت" وإذا بطل ما ادعاه صاحب القيل، وما ذهب إليه الخلخالي، وثبت أن ذكر أحدهما لا يغني عن ذكر الآخر.
التعقيد المعنوي: أن يكون الكلام خفي الدلالة على المعنى المراد؛ لخلل في انتقال الذهن من المعنى الأول المفهوم من اللفظ لغة إلى المعنى الثاني المقصود, بحيث يكون إدراك المعنى الثاني من الأول بعيدا عن الفهم، يحتاج إلى تكلف بسبب استعمال اللفظ في معنى