للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخفوق قلبي لو رأيت لهيبه ... يا جنتي لرأيت فيه جهنما

فقوله: "يا جنتي" حشو، ولكنه غاية في الحسن والإبداع لمقابلته بجهنم. ا. هـ.

ويكون الإطناب بأمور شتى:

١- يكون بالإيضاح بعد الإبهام:

ونكتته عرض المعنى في صورتين مختلفتين؛ إحداهما مبهمة، والأخرى موضحة، وذلك أمر مستحسن إذ هو أشبه بعرض الحسناء في لباسين متغايرين. أو نكتته تمكن المعنى الموضح بعد إبهامه في نفس السامع فضل تمكن، إذ إن الإشعار بالشيء إجمالا يدعو إلى التشوق إليه تفصيلًا، والشيء إذا جاء بعد تشوق وتلهف عليه وقع في النفس، وتمكن أيما تمكن, يرشدك إلى ذلك: أنك إذا قلت: هل أدلك على أكرم الناس أبا، وأفضلهم حسبًا، وأمضاهم عزيمة، وأنفذهم رأيًا؟ ثم قلت: "فلان" كان ذلك أوقع في النفس مما لو قلت: فلان الأكرم الأفضل ... إلخ، من ذلك قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ} ثم وضحه بقوله: {أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ} ولو قيل في غير القرآن: وقضينا إليه أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين لم يكن له من حسن الموقع ما كان مع الإبهام يدل على ذلك الذوق البلاغي.

ويدخل في الإيضاح بعد الإبهام باب "نعم وبئس" نحو: "نعم الرجل محمد"، و"بئس الرجل مسيلمة" على رأي من يجعل المخصوص خبرًا حذف مبتدؤه، أو مبتدأ حذف خبره.

٢- يكون بالتوشيع:

وهو أن يؤتى في عجز الكلام بمثنى مفسر ياسمين ثانيهما معطوف على الآخر، أو يؤتى بجمع مفسر بأسماء معطوف بعضها على بعض. مثاله في المثنى قولهم: خصلتان لا تجتمعان في مؤمن: البخل وسوء الخلق. وقولهم: يشيب ابن آدم، ويشيب معه خصلتان: الحرص وطول الأمل. ونحو: علينا بالشفاءين: العسل والقرآن، ومن هذا القبيل قول الشاعر:

فما زلت في ليلين شعر وظلمة ... وشمسين من خمر ووجه حبيب

ومثاله في الجمع قولك: إن في فلان ثلاث خصال حميدة: الكرم، والشجاعة، والحلم.

٣- يكون بعطف الخاص على العام، ونكتته: التنبيه على فضل الخاص حتى كأنه "لفضله" شيء آخر مغاير لما قبله، كقوله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>