للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو يشا طار بها ذو ميعة ... لاحق الآطال نهد ذو خصل١

تقول: لو أنه أراد النجاة لفاز بها، فقد كان تحته فرس قوي، جلد، ولكنه آثر أن يموت كريما على أن يحيا هزيلا بتحمله عار الهزيمة. والشاهد في استعارة الطيران للعدو على نحو ما تقدم.

والثالث: كاستعارة العدو للطيران عكس ما قبله.

التقسيم الثاني:

تنقسم الاستعارة باعتبار الجامع أيضا قسمين: عامية، خاصية.

فالعامية: وهي المبتذلة, ما وضح فيها الجامع، بحيث يدركه العامة كإطلاق "الأسد" على الرجل الجريء، فإن الجامع، وهو الجرأة، أمر واضح، في متناول مدارك عامة الناس لاشتهار الأسد بها. وسميت مبتذلة لكونها في طوق كل إنسان.

والخاصية: وهي الغريبة: ما لا يدرك الجامع فيها إلا من ارتفع عن طبقة العامة، كما في قول يزيد بن مسلمة يصف فرسا له، بأنه مؤدب إذا نزل عنه. وألقى عنانه في قربوس سرجه، لا يبرح مكانه حتى يعود:

وإذا احتبى قربوسه بعنانه ... علك الشكيم إلى انصراف الزائر٢


١ الميعة نشاط الشباب، و"الآطال" جمع أطل بكسرة أو بكسرتين الخاصرة, ولاحق الآطال ضامرها وهو من دواعي النشاط وخفة الحركة، و"النهد" بفتح النون الفرس الجميل الجسم و"الخصل" جمع خصلة، وهي اللفيقة من الشعر، أي: ذوي شعر متدل.
٢ "احتبى" من الاحتباء وهو أن يشد الرجل ركبتيه إلى بطنه بنحو ثوب يمتد من جانبيه إلى ظهره، و"القربوس" بفتح القاف والراء مقدم السرج، و"العنان" بكسر العين اللجام، و"الشكيم" الحديدة المعترضة في فم الفرس، و"علكها" لاكها ومضغها، وقد أراد بالزائر نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>