أي: فرقناهم: شبه تفريق الجماعة: بالتقطيع، بجامع "إزالة الاجتماع في كل"، ثم استعير لفظ التقطيع للتفريق، ثم اشتق منه "قطع" بمعنى فرق, والجامع المذكور داخل في مفهوم التقطيع إذ إنه موضوع لإزالة الاجتماع في الأشياء المتماسكة، وداخل كذلك في مفهوم تفريق الجماعة؛ لأنه موضوع لإزالة الاجتماع في الأشياء غير المتماسكة. وبديهي أن إزالة الاجتماع في التقطيع أشد وأقوى كما هو الشرط في الجامع.
وغير الداخلة: ما يكون الجامع فيها غير داخل في مفهوم الطرفين، بأن كان خارجا عن مفهوم كل منهما، أو كان داخلا في مفهوم المستعار له دون المستعار منه، أو العكس.
فالأول: كما في قولك: "رأيت دررا في السماء"، و"أبصرت شمسا داخل غرفة، ووردت بحرا يعطي" فالجامع في الأول التألق واللمعان وفي الثاني الوضاءة والإشراق، وفي الثالث الإفاضة، وكلها عوارض غير داخلة في مفهومي الطرفين.
والثاني: كما في الحديث "خير الناس رجل ممسك بعنان فرسه: كلما سمع هيعة طار إليها" ١ شبه العدو الذي هو قطع المسافة بسرعة في الأرض. بالطيران الذي هو قطع المسافة في الهواء بالجناح، ثم استعير الطيران للعدو، ثم اشتق من الطيران "طار" بمعنى عدا -والجامع بينهما قطع المسافة بسرعة وهو داخل في مفهوم العدو، دون الطيران، فليست السرعة داخلة في مفهومه، إنما هي لازمة له في الأكثر. ومثله قول امرأة من بني الحرث ترثي قتيلا:
١ "العنان" بكسر العين اللجام، و"الهيعة" الصيحة يفزع منها من هاع يهيع إذ جبن يقول: خير الناس رجل مستعد للجهاد في سبيل الله كلما سمع صيحة الحب والدعوة لها أسرع إليها وخاض غمارها.