للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خال السلطان قريبكم لما توجه في الرسالة إلى الأندلس في تأنيسه عن مخدومه، ومنوهاً حيث حل بقدومه، واتصلت بعد ذلك المهاداة والمعرفة، والوسائل المختلفة، فعظم لأجل هذه الوسائل شوقي إلى التشرف بزيارة ذلك الجناب الذي حلوله شرف وفخر، ومعرفته كنز وذخر، فلما ظهر الآن لمحل الأخ الكذا القائد فلان اللحاق بك، والتعلق بسببك، رأيت أنه قد اتصل بهذا الغرض المؤمل بعضي والله تعالى ييسر في البعض، عند تقرير الأمن وهدنة الأرض، وهذا الفاضل بركة حيث حل لكونه من بيت أصالة وجهاد، وماجداً وابن أمجاد، ومثلك لا يوصى بحسن جواره، ولا ينبه على إيثاره، وقبيلك في الحديث - من العرب - والقديم، وهوالذي أوجب لها مزية التقديم، لم يفتخر قط بذهب يجمع، ولا ذخر يرفع، ولاقصر يبنى، ولا غرس يجنى، إنما فخرها عدويغلب، وثناء يجلب، وجزور ينحر، وحديث يذكر، وجود على الفاقة، وسماحة بحسب الطاقة، فلقد ذهب الذهب، وفني النشب، وتمزقت الأثواب، وهلكت الخيل العراب، وكل الذي فوق التراب تراب، وبقيت المحاسن تروى وتنقل، والأعراض تجلى وتصقل، ولله در الشاعر إذ يقول:

وإنما المرء حديث بعده ... فكن حديثاً حسناً لمن وعى (١) هذه مقدمة إن يسر الله تعالى بعدها لقاء الأمير، فيجلي اللسان عماً في الضمير:

ومدحي على الأملاك مدح، وإنما ... رأيتك منها فامتدحت على وسمي

وما كنت بالمهدي لغيرك مدحتي ... ولو أنه قد حل في مفرق النجم "


(١) من مقصورة ابن دريد (ص: ١١٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>