للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٧ - ومن ذلك ما خاطب به شيخه الخطيب سيدي أبا عبد الله ابن مرزوق وهو:

" راش زماني وبرى نبله ... فكنت لي من وقعها جنه

ولو قهرت الموت أمنتني ... منه وأدخلتني الجنه

فكيف لا أنشرها منة ... قد عرفتها لاإنس والجنه " بماذا أخاطب به تلك الجلالة، فيتيسر الخطاب وتحصل الدلالة، أبسيدي ويشركني فيه، من قال لا إله إلا الله بفيه أوبروح حياتي، ومقدم ماهية ذاتي، وذخري الكبير الكثير، لا بل فلكي الأثير، وهوتضييق على الولد والأهل، وتعدي المراتب المحدودة من الجهل، فلم يبق إلا الإشارة الخارجة عن وظائف اللسان، وهي بعض دلالات الإنسان، أفدت الإكسير، وجبرت الكسير، ورويت يا أبا العلا (١) التيسير، وغمرت بالكرم وأمن حمام الحرم الظعن والمسير، فمن رام شكر بعض (٢) أياديك فلقد شد حقائب الرحال، إلى نيل المحال، والحق أن نكل جزاك، لمن جعل إلى المجد اعتزاك، ونولي شكرك وثناك، إلى من عمر بما يرضيه من الرفق بالخلق وإقامة الحق إناك، وندعومنك بالبقاء إلى الروض المجود، وغمام الجود، وإمام الركع السجود، لا بل لنور الله تعالى المشرق على التهائم والنجود، ورحمته المبثوثة أثناء هذا الوجود.

وليعلم سيدي أن النفس طماعة جماعة، وسراب آمالها بحاره لماعة، فلا تفيق من كد، ولا تقف عند حد، سيما إذا لم يهذبها السلوك والتجريد، ولم يسر منها في عالم الغيب البريد، ولا تجلت لها السعادة التي يجذب بها المراد ويشمر لها المريد، إلى أن يتأتى عما دون الحق المحيد، ويصح التوحيد،


(١) ق: يا ابن العلاء.
(٢) بعض: سقطت من ق.

<<  <  ج: ص:  >  >>