للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقل اشتياقاً أيها القلب ربما ... رأيتك تصفي الود من ليس جازياً (١) فها أنا أبكي عليه بدم أسأله، وأنهل فيه أسى له (٢) ، وأعلل بذكراه قلباً (٣) صدعه، وأودعه من الوجد ما أودعه، لما خدعه، ثم قلاه وودعه، وأنشق رياه أنف ارتياح قد جدعه، وأستعدي به على ظلم ابتدعه:

خليلي هل أبصرتما أو سمعتما ... قتيلاً بكى من حب قاتله قبلي (٤) فلولا عسى الرجاء ولعله، لا بل شفاعة المحل الذي حله، لمزجت الحنين بالعتب (٥) ، وبثثت كتائبه كمناء في شعاب الكتب، تهز من الألفات رماحاً خزر الأسنة، وتوتر من النونات أمثال القسي المرنة، وتقود من بياض الطرس وسواد النفس بلقاً تردي (٦) في الأعنة، ولكنه أوى إلى الحرم الأمين، وتفيأ ظلال الجوار المؤمن من معرة العوار عن الشمال واليمين، حرم الخلال المزنية، والظلال اليزنية، والهمم السنية، والشيم التي لا ترضى بالدون ولا بالدنية، حيث الرفد الممنوح، والطير الميامن يزجر لها السنوح، والمثوى الذي إليه - مهما تقارع الكرام على الضيفان، حول جوابي الجفان - الميل والجنوح:

نسب كأن عليه من شمس الضحى ... نوراً، ومن فلق الصباح عمودا (٧) ومن حل بتلك المثابة فقد اطمأن جنبه، وتغمد بالعفوذنبه، ولله در القائل حيث يقول:


(١) البيت للمتنبي بعد فراقه لسيف الدولة وحلوله عند كافور.
(٢) التعريف: وأندب في ربع الفراق، آسى له.
(٣) التعريف: وأشكو إليه حول قلب.
(٤) البيت لجميل بثينة، ديوانه: ١٧٦.
(٥) التعريف: لنشرت ألوية العتب.
(٦) تردي: وتمشي الرديان، وهو نوع من المشي دون العدو.
(٧) البيت لأبي تمام (ديوانه: ٨١ ط. بيروت) .

<<  <  ج: ص:  >  >>