للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سألت جنوني فيه تقريب عرشه ... فقست بجن الشوق جن سليمان

إذا ما دعا داع من القوم باسمه ... وثبت وما استثبت شيمة هيمان

وتالله ما أصغيت فيه لعاذل ... تحاميته حتى ارعوى وتحاماني

ولا استشعرت نفيس برحمة عابد ... تظلل يوماً مثله عبد رحمن

ولا شعرت من قبله بتشوق ... تخلل منها بين روح وجثمان أما الشوق فحدث عن البحر ولا حرج، وأما الصبر فسل به أية درج، بعد أن تجاوز اللوى والمنعرج، لكن الشدة تعشق الفرج، والمؤمن ينشق من روح الله تعالى الأرج، وأني بالصبر، على إبر الدبر، لا بل الضرب الهبر (١) ، ومطاولة اليوم والشهر، حتى حكم اقهر وهل لعين أن تسلو سلوالمقصر، عن إنسانها المبصر، أوتذهل ذهول الزاهد، عن سرها الراثي والمشاهد وفي الجسد بضعة يصلح إذا صلحت، فكيف حاله إن رحلت عنه ونزحت، وإذا كان الفراق هوالحمام الأول، فعلام المعول أعيت مراوضة الفراق، على الراق، وكادت لوعة الاشتياق، أن تفضي إلى السياق:

تركتموني بعد تشييعكم ... أوسع أمر الصبر عصيانا

أقرع سني ندماً تارةً ... وأستميح الدمع أحيانا وربما تعللت بغشيان المعاهد الخالية، ووجددت رسوم الأسى بمباكرة الرسوم البالية، أسأل نون النوى عن أهليه، وميم الموقد المهجور عن مصطليه، وثاء الأثافي المثلثة عن منازل الموحدين، وأحار بين تلك الأطلال حيرة الملحدين، لقد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين، كلفت لعمر الله يسأل عن جفوني المؤرقة، ونائم عن همومي المتجمعة المتفرقة، ظعن عن ملال، لا متبرماً مني بشر خلال، وكدر الوصل بعد صفائه، وضرج النصل بعد عهد وفائه:


(١) الهبر: الذي يهبر أي يقطع.

<<  <  ج: ص:  >  >>